النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فلا ينكره. (1) وفي لفظ البزار: كنا نقول في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: أبو بكر وعمر وعثمان. يعني بالخلافة (2) وفي لفظ الترمذي: كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي (3) وفي لفظ البخاري في تاريخه أقسم 1: 49: كنا نقول في زمن النبي صلى الله عليه وسلم:
من يلي هذا الأمر بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟ فيقال: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نسكت.
قال الأميني: هذه الرواية عمدة ما تمسك به القوم فيما وقع من الانتخاب الدستوري في الاسلام، وقد اتخذها المتكلمون حجة لدى البحث عن الإمامة، واتبع أثرهم المحدثون، ولهم عند إخراجها تصويب وتصعيد، وتبجح وابتهاج، وجاء كثيرون وقد أطنبوا وأسهبوا في القول لدى شرحها، وجعلوها كحجر أساسي علوا عليها أمر الخلافة الراشدة، واحتجوا بها على صحة البيعة التي عم شومها الاسلام، وحفت بهناة ووصمات وشتتت شمل المسلمين، وفتت في عضد الدين، وفصمت عراه، وجرت الويلات على أمة محمد حتى اليوم، فلنا عندئذ أن نبسط القول، ونوقف القارئ على جلية الحال، ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة، والله ولي التوفيق.
كان عبد الله بن عمر على العهد النبوي الذي ادعى أنه كان يخير فيه فيختار في أبان شبيبته حتى أنه كان لم يبلغ الحلم في جملة من سنيه، ولذلك رده رسول الله صلى الله عليه وآله عن الجهاد يوم بدر وأحد واستصغره، وأجاز له يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة كما ثبت في الصحيح (4) وهو على جميع الأقوال في ولادته وهجرته ووفاته لم يكن مجاوزا العشرين يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو في مثل هذا السن لا يخير عادة في التفاضل بين مشيخة الصحابة ووجوه الأمة، ولا يتخذ حكما يمضى رأيه في الخيرة، لأن الحكم الفاصل في مثل هذا يستدعي ممارثة طويلة، ووقوفا على تجاريب متتابعة مقرونة بعقلية ناضجة، وتمييز بين مقتضيات الفضيلة، وعرفان لنفسيات الرجال