الواجب على كل مسلم مخالفتها بعد فرض إيمانه بالله وبكتابه ورسوله واليوم الآخر، فكان من حق المقام أن ينكروا على عثمان مخالفة السنة فحسب. ولهذا لم يقبل مولانا أمير المؤمنين لما ألقى إليه عبد الرحمن أمر البيعة على الشرط المذكور إلا مطابقة أمره للسنة والاجتهاد فيها (1).
وليت شعري إنه لما شرط ابن عوف على عثمان ذلك هل كان يعلم بما قلناه من الموافقة أو المخالفة أو لا؟ وعلى فرض علمه يتوجه عليه ما سطرناه على كل من الفرضين، وعلى تقدير عدم علمه وهو أبعد شئ، يفرض فكيف شرط عليه ما لا يعلم حقيقته، وكيف يناط أمر الدين وزعامته الكبرى بحقيقة مجهولة؟ وما الفائدة في اشتراطه؟.
وللباقلاني في التمهيد ص 210 في بيان هذا الشرط وجه نجل عنه ساحة كل متعلم فاهم فضلا عن عالم مثله.
ثم نأتي إلى عثمان فنحاسبه على قبوله لأول وهلة، هل كل يعلم شيئا مما قدمناه من النسبة بين السنة والسيرة أولا؟ فهلا شرط الأمر على تقدير الموافقة؟ ورفضه على فرض المخافة؟ وإن كان لا يعلم فكيف قبل شرطا لا يدري ما هو؟ ثم هل كان يعلم يومئذ أنه يطيق على ذلك أو لا؟ أو كان يعلم أنه لا يطيقه؟ وعلى الأخير فكيف قبل ما لا يطيقه؟ وعلى الثاني كيف أقدم على الخطر فيما لا يعلم أنه يتسنى له أن ينوء به؟ وعلى الأول فلما ذا خالف ما أشترط عليه وقبله ووجدت البيعة عليه؟ وحصل القبول والرضا من الأمة به؟ ثم جاء يعتذر لما أخذه ابن عوف بمخالفته إياها بأنه لا يطيق ذلك فقال فيما أخرجه أحمد في مسنده 1: 68 من طريق شقيق: وأما قوله: ولم أترك سنة عمر؟ فإني لا أطيقها ولا هو. وذكره ابن كثير في تاريخه 7: 206.
وكيفما أجيب عن هذه المسائل فعبرتنا الآن بنظرية عبد الرحمن بن عوف الأخيرة في الخليفة، وهي من أوضح الحقايق لمن استشف ما ذكرناه من قوله له: إني أستعيذ بالله من بيعتك. وقوله لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام: إذا شئت فخذ سيفك وآخذ