عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولا أمير المؤمنين عليه السلام بالذي يندم على ما نهض به من قم جذور الفساد وقلع جذومه، ولو سوغنا عليه الندم في هذه لسوغنا عليه فيما قتله في مغازي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أشياع الكفر وزبانية الشرك والالحاد، فإذ كان سلام الله عليه في المقامين جميعا منبعثا بباعث إلهي ومصلحة دينية من استئصال شأفة العيث وقطع جراثيم الالحاد، فلا يطرق ساحته المقدسة الندم في أي من الحالين.
وأي صلاح في محمد بن طلحة؟ وقد شهر سيفه يحارب إمام المسلمين وقد أمر بنصرته والجهاد معه، فحاله حال أبيه في الزيغ والنكوص عن السنن اللاحب. هذه حقيقة الأمر لكن مهملجة الخلاف الوضاعين شاءوا أن يختلقوا ما يبرر أعمال الواثبين مع الهودج فقالوا، ولكن أين؟ وأني؟...
وكيف يصح عن مولانا أمير المؤمنين ما اختلقوا عليه من قوله لمحمد بن حاطب؟
وقد صدر عنه من فعل وقول قبل هذا الموقف وبعده ما يعرب عن رأيه في عثمان، ولا يصدق الخبر الخبر، راجع ما مر في هذا الجزء ص 69 - 77، وفي الجزء الثامن ص 287، 298، 300، 301 ط 2، وفي الجزء السابع ص 81 ط 2.
وهل تساعد سيرة الرجل أن يراه أمير المؤمنين من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا. الآية. وهي التي أركبته النهابير، وسقته كأس المنية، وكانت تخالف الكتاب والسنة، والصحابة الأولون وفي مقدمهم سيدنا الإمام عليه السلام كانوا مطبقين عن النكير والنقمة عليها، ولأجلها تمخضت البلاد عليه، وهي التي أقعدت الصحابة عن نصرته والذب عنه، وهي التي زحزحت الأمة الصالحة عن تجهيزه وتكفينه والصلاة عليه، وهي التي دفنته في مقابر اليهود بعد ما بقي جثمانه في مزبلة أياما وليالي تمر به عواصف الذل والهوان والملا الديني ينظر إليه من كثب، والناس قد بايع أمير المؤمنين عليا عليه السلام وبيده مقاليد الأمور يسمع قوله ويطاع، وهو الذي يتحمس لأمر ما، يراه الناس هينا وهو عنده عظيم، فيعاتب أصحابه ويقول في خطبته له: لقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعاثها (1) ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام ثم انصرفوا