وهذا التأويل يخالف ما أثنى به المؤرخون على عثمان من إنه كان يوم قتله صائما، وهو من المتسالم عليه عند القوم سلفا وخلفا حتى اليوم كما ذكره الأستاذ علي فكري في أحسن القصص 3: 164. ويضاد أيضا صريح ما أخرجه ابن كثير في تاريخه 7: 182 من طريق ابن عمر عن عثمان قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: يا عثمان!
أفطر عندنا. فأصبح صائما وقتل من يومه.
وكذلك لا يلتئم هو وما أخرجه الهيثم بن كليب بالإسناد عن نائلة بنت الفرافصة " امرأة عثمان " قالت: لما حصر عثمان ظل اليوم الذي كان فيه قتله صائما، فلما كان عند إفطاره سألهم الماء العذب فأبوا عليه، وقالوا: دونك ذلك الركي - وركي في الدار الذي يلقى فيه النتن - قالت: فلم يفطر فرأيت جارا على أحاجير متواصلة - وذلك في السحر - فسألت الماء العذب. فأعطوني كوزا من ماء فأتيته فقلت: هذا ماء عذب أتيتك به، قالت: فنظر فإذا الفجر قد طلع فقال: إني أصبحت صائما، قالت فقلت: ومن أين ولم أر أحدا أتاك بطعام ولا شراب؟ فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع علي من هذا السقف ومعه دلو من ماء فقال: اشرب يا عثمان! فشربت حتى رويت ثم قال: ازدد فشربت حتى نهلت، ثم قال: أما إن القوم سينكرون عليك فإن قاتلتهم ظفرت، وإن تركتهم أفطرت عندنا. قالت: فدخلوا عليه من يومه فقتلوه (1).
نعم: إن الحديثين لا يعول عليهما أيضا لما في إسنادهما من داعية إلى الأرجاء يبغض أهل بيت نبيه، ومن مجهول منكر لا يعرف، ومن متحامل على أمير المؤمنين من الفئة الباغية، فالحديثان كرواية ابن أبي الدنيا باطلان، وما ذهب إليه القوم من أن الرجل كان يوم قتله صائما منقبة مفتعلة لا تصح لاستنادهم فيها إلى تلكم الأباطيل التي اختلقتها يد الغلو في الفضائل.
18 - أخرج الحاكم وابن عساكر وغيرهما من طريق محمد بن يونس الكديمي أبي العباس البصري، عن هارون بن إسماعيل الخزاز أبي الحسن البصري، عن قرة ابن خالد السدوسي البصري، قال: سمع الحسن البصري عن قيس بن عباد البصري قال:
شهدت عليا رضي الله عنه يوم الجمل يقول كذا: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان،