جاءني المنذر بن الزبير فقال إن أخي يدعوك فقمت إليه فقال لي: إنا أردنا أن ندفن عثمان فهل لك؟ قلت: والله ما دخلت في شئ من شأنه وما أريد ذلك، فانصرفت عنه ثم اتبعته، فإذا هو في نفر فيهم جبير بن مطعم، وأبو الجهم، والمسور، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن الزبير فاحتملوه على باب وأن رأسه ليقول: طق طق، فوضعوه في موضع الجنائز فقام إليهم رجال من الأنصار فقالوا لهم: لا والله لا تصلون عليه، فقال أبو الجهم: ألا تدعون نصلي عليه؟ فقد صلى الله تعالى عليه وملائكته. فقال له رجل منهم: إن كنت كاذبا فأدخلك الله مدخله، فقال له: حشرني الله معه فقال له: إن الله حاشرك مع الشياطين، والله إن تركناكم به لعجز منا. فقال القوم لأبي الجهم: اسكت عنهم وكف فسكت، فاحتملوه ثم انطلقوا مسرعين كأني اسمع وقع رأسه على اللوح حتى وضعوه في أدنى البقيع فأتاهم جبلة بن عمرو الساعدي من الأنصار فقال: لا والله لا تدفنوه في بقيع رسول الله ولا نترككم تصلون عليه، فقال أبو الجهم: انطلقوا بنا إن لم نصل عليه فقد صلى الله عليه، فخرجوا ومعهم عائشة بنت عثمان معها مصباح في حق حتى إذا أتوا به جسر (1) كوكب حفروا له حفرة ثم قاموا يصلون عليه وأمهم جبير بن مطعم، ثم دلوه في حفرته فلما رأته ابنته صاحت فقال ابن الزبير: والله لئن لم تسكتي لأضربن الذي في عينيك فدفنوه، ولم يلحدوه بلبن وحثوا عليه التراب حثوا.
وقال ياقوت الحموي: لما قتل عثمان ألقي في حش كوكب ثم دفن في جنبه.
وذكر ابن كثير بعض ما أسلفناه نقلا عن البلاذري فقال: ثم أخرجوا بعبدي عثمان اللذين قتلا في الدار وهما: صبيح ونجيح رضي الله عنهما فدفنا إلى جانبه بحش كوكب، وقيل: إن الخوارج لم يمكنوا من دفنهما، بل جروهما بأرجلهما حتى ألقوهما بالبلاط (2) فأكلتهما الكلاب، وقد اعتنى معاوية في أيام إمارته بقبر عثمان، ورفع الجدار بينه وبين البقيع وأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حوله.
وذكر الحلبي في السيرة عن ابن ماجشون عن مالك: إن عثمان بعد قتله ألقي