عليهم ليكفن عنه، ففعلوا فانطلق به حتى دفن رضي الله عنه في حش كوكب، فلما ظهر معاوية بن أبي سفيان على الناس أمر بهدم ذلك الحائط حتى أفضى به إلى البقيع، فأمر الناس أن يدفنوا موتاهم حول قبره حتى اتصل ذلك بمقابر المسلمين.
ومن طريق أبي كرب - وكان عاملا على بيت مال عثمان - قال: دفن عثمان رضي الله عنه بين المغرب والعتمة ولم يشهد جنازته إلا مروان بن الحكم وثلاثة من مواليه وابنته الخامسة فناحت ابنته ورفعت صوتها تندبه، وأخذ الناس الحجارة وقالوا:
نعثل نعثل، وكادت ترجم، فقالوا: الحائط الحائط، فدفن في حائط خارجا.
ومن طريق عبد الله بن ساعدة قال: لبث عثمان بعد ما قاتل ليلتين لا يستطيعون دفنه ثم حمله أربعة: حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم، ونيار بن مكرم، وأبو جهم ابن حذيفة. فلما وضع ليصلى عليه جاء نفر من الصحابة يمنعونهم الصلاة عليه فيهم:
أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي، وأبو حية المازني في عدة ومنعوهم أن يدفن بالبقيع فقال أبو جهم: ادفنوه فقد صلى الله عليه وملائكته، فقالوا: لا والله لا يدفن في مقابر المسلمين أبدا، فدفنوه في حش كوكب، فلما ملكت بنو أمية أدخلوا ذلك الحش في البقيع، فهو اليوم مقبرة بني أمية.
ومن طريق عبد الله بن موسى المخزومي قال: لما قتل عثمان رضي الله عنه أرادوا حز رأسه فوقعت عليه نائلة وأم البنين فمنعهم وصحن وضربن الوجوه وخرقن ثيابهن، فقال ابن عديس: اتركوه، فأخرج عثمان ولم يغسل إلى البقيع، وأرادوا أن يصلوا عليه في موضع الجنائز فأبت الأنصار، وأقبل عمير بن ضابئ وعثمان موضوع على باب فنزا عليه فكسر ضلعا من أضلاعه وقال: سجنت ضابئا حتى مات في السجن.
وأخرج ابن سعد والطبري من طريق مالك بن أبي عامر قال: كنت أحد حملة عثمان رضي الله عنه حين قتل، حملناه على باب وأن رأسه لتقرع الباب لإسراعنا به، وإن بنا من الخوف لأمرا عظيما حتى واريناه في قبره في حش كوكب.
وأخرج البلاذري من رواية أبي مخنف: إن عثمان رضي الله عنه قتل يوم الجمعة فترك في داره قتيلا، فجاء جبير بن مطعم، وعبد الرحمن بن أبي بكر، ومسور بن مخرمة الزهري، وأبو الجهم بن حذيفة العدوي ليصلوا عليه ويجنوه، فجاء رجال من الأنصار