اجلس فلا تخرج. فعصاه مروان فقال: والله لا تقتل ولا يخلص إليك وأنا أسمع الصوت ثم خرج إلى الناس فقلت: ما لمولاي مترك. فخرجت معه أذب عنه ونحن قليل فأسمع مروان يقول:
قد علمت ذات القرون الميل * والكف والأنامل الطفول أني أروع أول الرعيل * بفاره مثل قطا الشليل وقال أبو بكر بن الحارث: كأني أنظر إلى عبد الرحمن بن عديس البلوي وهو مسند ظهره إلى مسجد نبي الله صلى الله عليه وسلم وعثمان محصور فخرج مروان فقال: من يبارز؟
فقال عبد الرحمن بن عديس لفلان بن عروة (1): قم إلى هذا الرجل. فقام إليه غلام شاب طوال فأخذ رفيف الدرع فغرزه في منطقته فأعور له عن ساقه فأهوى له مروان وضربه ابن عروة على عنقه، فكأني أنظر إليه حين استدار وقام إليه عبيد بن رفاعة الزرقي ليدفف عليه (إلى آخر ما مر عن ابن سعد).
ومن طريق حسين بن عيسى عن أبيه قال: لما مضت أيام التشريق أطافوا بدار عثمان رضي الله عنه، وأبى إلا الإقامة على أمره، وأرسل إلى حشمه وخاصته فجمعهم فقام رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: نيار بن عياض وكان شيخا كبيرا فنادى: يا عثمان! فأشرف عليه من أعلى داره فناشده الله وذكره الله لما اعتزلهم، فبينا هو يراجعه الكلام إذا رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم، وزعموا أن الذي رماه كثير بن الصلت الكندي، فقالوا لعثمان عند ذلك: إدفع إلينا قاتل نيار بن عياض فلنقتله به. فقال:
لم أكن لأقتل رجلا نصرني وأنتم تريدون قتلي، فلما رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه، وخرج عليهم مروان بن الحكم من دار عثمان في عصابة، وخرج سعيد بن العاص في عصابة، وخرج المغيرة بن الأخنس الثقفي في عصابة، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكان الذي حداهم على القتال أنه بلغهم أن مددا من أهل البصرة قد نزلوا صرارا وهي من المدينة على ليلة، وأن أهل الشام قد توجهوا مقبلين فقاتلوهم قتالا شديدا على باب الدار فحمل المغيرة بن الأخنس الثقفي على القوم وهو يقول مرتجزا: