ولتعدد آيات الخمر واختلاف السلف فيها وتأويل جمع منهم آيتي البقرة النساء من تلكم الآيات وقع الخلاف في تاريخ حرمتها على أقوال:
م 1 - الأخذ بما أخرجه الطبراني من طريق معاذ بن جبل من أن أول ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين بعث شرب الخمر وملاحاة الرجال (1) فتحريم الخمر كان في أوليات الهجرة إن لم تكن في أوليات البعثة، ويساعده ما صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم من أن أعظم الكبائر شرب الخمر (2) ويبرمه النظر في آيات الخمر فالآية الأولى منها من سورة البقرة وهي أول سورة نزلت بالمدينة (3) والآية الثانية في سورة النساء وقد نزلت في أوائل الهجرة (4) ولعل هذا رأي كل من رأى حرمة الخمر بآية البقرة، قالت عائشة: لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك (5) وقد نزلت سورة البقرة بعد زواج عايشة كما مر في الجزء السادس ص 197.
واختار الجصاص حرمة الخمر بآية البقرة كما أسلفنا كلامه في الجزء السادس صفحة 254 ط 2، وقال القرطبي في تفسيره 3: 60: قال قوم من أهل النظر حرمت الخمر بهذه الآية يعني التي في سورة البقرة، وقال الرازي في تفسيره 2: 229: إن هذه الآية " يعني آية البقرة " دالة على تحريم شرب الخمر. وذكر في ص 231 في وجه دلالتها عليه وجوها.
2 رأى البلاذري أنه كان سنة أربع من الهجرة كما في " الامتاع " للمقريزي ص 193، وذكر ابن إسحاق: أنه كان في وقعة بني النضير سنة أربع على الراجح (6) وقال ابن هشام في سيرته 2: 192: نزل ببني النضير وذلك في شهر ربيع الأول - سنة أربع فحاسرهم فيها ست ليال، ونزل تحريم الخمر. وذكره ابن سيد الناس في عيون الأثر 2: 48.