إليه ضميرك الحر وتقول: كيف يكون المذكورون في الحديث - غير محمد وصنوه - أكرم على الله من جميع خلقه وفيهم من ذكرنا هم من الأنبياء والرسل والأوصياء والأولياء والملائكة؟ وكيف يتوسل أبو البشر النبي المعصوم بمثل أبي بكر وصاحبيه وهم هم؟ وسيرتهم بين يديك، وكيف يكونون رديف النبي الأعظم وصنوه المعصوم بنص الكتاب العزيز ونفسه المطهر الناطق به القرآن الكريم؟ وكيف يشاركون معهما في فضيلة الخلقة، وكرامة التوسل؟ ولا أحسب أن أحدا من شيعة القوم يصافق رواة هذه الأفيكة على هذه المزاعم، ولعلهم يصافقونهم ويجعلونها على عهدتهم كما فعل ابن حجر إذ غلوهم في الفضائل غير محدود.
وأما الرجل الثاني الذي أربكه التفريط وأسف به إلى هوة الجهل فكالقصيمي الذي أنكر ما جاء في الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله: يا آدم وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه؟ قال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك فقال الله: صدقت يا آدم! إنه لأحب الخلق إلي، ادعني بحقه قد غفرت لك. ولولا محمد ما خلقتك.
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (1) والحاكم في المستدرك 2: 615 وصححه، والطبراني في المعجم الصغير، وأبو نعيم في الدلائل، وابن عساكر كما في الخصايص، وأقر صحته السبكي في شفاء السقام ص 120، والقسطلاني في المواهب 1 ص 16، والسمهودي في وفاء الوفا 2: 419، والزرقاني في شرح المواهب 1: 62، والعزامي في فرقان القرآن ص 117، وذكره السيوطي في الخصايص الكبرى عن عدة من الحفاظ ج 1 ص 6.
فقال القصيمي في الصراع 2: 593 تبعا أثر ابن تيمية في الرد على هذه المأثرة النبوية الصحيحة: والسؤال بحق النبي أو بحق غيره من الأنبياء والصالحين ليس له من القيمة العملية الدينية ما يوجب أن يكون عملا صالحا مبرورا فضلا عن أن يكون أداة