- 5 - تبرز الخليفة في الأخلاق لم نقف من أخلاقيات الخليفة على شئ يرفع الانسان من هذه الناحية عدا ما في صحيح البخاري في كتاب التفسير من طريق ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير قال: قد ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر: أمر الأقرع بن حابس (1) فقال أبو بكر: ما أردت إلا خلافي، فقال عمر: ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزل في ذلك: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله و رسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم. سورة الحجرات: 1.
وأخرج البخاري من طريق ابن أبي ملكية أيضا قال: كاد الخيران أن يهلكا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع. وأشار الآخر برجل آخر.
قال نافع: لا أحفظ اسمه. فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي. قال: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما في ذلك فأنزل الله: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهر وآله بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. (2) الحجرات: 2.
قال الأميني: ألا تعجب من الرجلين أنهما طيلة مصاحبتهما هذا النبي المعظم صلى الله عليه وآله وسلم لم يحدهما التأثر بأخلاقه الكريمة إلى الحصول على أدب محاضرة العظماء والمثول بين أيديهم لا سيما هذا العظيم، العظيم خلقه بنص الذكر الحكيم، وما عرفا أن الكلام بين يديه لا بد وأن يكون تخافتا وهمسا إكبارا لمقامه وإعظاما لمرتبته. وأن لا يتقدم