أحد إليه بالكلام إلا أن يكون جوابا عن سؤال، أو ما ينم عن امتثال أمر، أو إخبارا عن مهمة، أو سؤالا عن حكم لكنهما تقدما بالكلام الخارج عن ذلك كله، وتماريا و احتدم الحوار بينهما، وارتفعت أصواتهما في ذلك، وكاد الخيران أن يهلكا حتى جعلا أعمالهما في مظنة الاحباط فنزلت الآية الكريمة.
وما أخرجه ابن عساكر عن المقدام أنه قال: استب عقيل بن أبي طالب وأبو بكر وكان أبو بكر سبابا. وكأن ابن حجر استشعر من هذه الكلمة ما لا يروقه فقال: سبابا أو نسابا. لكن الرجل أنصف في الترديد وقد جاء بعده السيوطي فحذف كلمة: سبابا. وجعلها نسابا بلا ترديد (1) والمنقب يعلم أن لفظة نسابا لا صلة لها بقوله استبا بل المناسب كونه سبابا، وكأن الراوي يريد بذلك أنه فاق عقيلا بالسب لأنه كان ملكة له، وإن كان يسع المحور أن يقول بإرادة كونه نسابا أنه كان عارفا بحلقات الأنساب و مواقع الغمز فيها، فكان إذا استب يطعن مستابه في عرضه ونسبه، لكنه لا يجدي المتمحل نفعا فإنه من أشنع مصاديق السب، وفيه القذف وإشاعة الفحشاء.
ويظهر من لفظ الحديث كما في الخصايص الكبرى 2 ص 86 إن السباب بين أبي بكر وعقيل كان بمحضر من رسول الله صلى الله عليه وآله وكان ذلك في أخريات أيامه صلى الله عليه وآله.
ومن شواهد كونه سبابا (وسباب المسلم فسوق) (1) ما مر في صفحة 153 من قوله للسائل عن القدر: يا بن اللخناء. وقوله لعمر: ثكلتك أمك وعدمتك يا بن الخطاب.
لما بلغه طلب الأنصار أن يولي عليهم رجلا أقدم سنا من أسامة فأخذ بلحيته فقال:
استعمله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتأمرني أن أنزعه؟ (3).
على أنه وهم في قوله هذا من ناحيتين: إحداهما أن الذي يجب أن لا يعزل من منصوبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو الخليفة فحسب لا يتسرب إليه الرأي والمقائيس، كما لا يتطرقان إلى الأحكام والسنن المشرعة، لأنه صلى الله عليه وآله نصبه يوم نصب بأمر من المولى