فصل في ذكر ولاية العهد من المأمون للرضا عليه السلام قال صاحب نور الأبصار: ذكر جماعة من أصحاب السير ورواة الأخبار بأيام الخلفاء أن المأمون لما أراد ولاية العهد للرضا عليه السلام وحدث نفسه بذلك وعزم عليه، أحضر الفضل بن سهل وأخبره بما عزم عليه، وأمره بمشاورة أخيه الحسن في ذلك.
فاجتمعا وحضرا عند المأمون، فجعل الحسن يعظم ذلك عليه ويعرفه ما في خروج الأمر عن أهل بيته، فقال المأمون: إني عاهدت الله تعالى إن ظفرت بالمخدوع (1) سلمت الخلافة إلى أفضل بني طالب، وهو أفضلهم ولابد من ذلك.
فلما رأيا تصميمه وعزيمته على ذلك أمسكا عن معارضته، فقال: تذهبان الآن إليه وتخبرانه بذلك عني وتلزمانه به، فذهبا إلى علي الرضا عليه السلام وأخبراه بذلك وألزماه، فامتنع فلم يزالا به حتى أجاب على أنه لا يأمر ولا ينهي، ولا يعزل ولا يولي، ولا يتكلم بين اثنين في حكومة، ولا يغير شيئا مما هو قائم على أصله.
فأجابه المأمون إلى ذلك، ثم إن المأمون جلس مجلسا خاصا لخواص أهل دولته من الامراء والوزراء والحجاب والكتاب وأهل الحل والعقد، وكان ذلك في يوم الخميس لخمس خلون من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين، وأحضرهم.
فلما حضروا قال للفضل بن سهل: أخبر الجماعة الحاضرين برأي أمير المؤمنين في الرضا علي بن موسى عليهما السلام، وأنه ولاه عهده وأمرهم بلبس الخضرة، والعود لبيعته في الخميس الثاني.
فحضروا وجلسوا على مقادير طبقاتهم ومنازلهم، كل في موضعه، وجلس المأمون، ثم جئ بالرضا عليه السلام فجلس بين وسادتين عظيمتين، وضعتا له وهو