فلما رآه القواد والجند على تلك الصورة، سقطوا كلهم عن الدواب إلى الأرض، وكان أحسنهم حالا من كان معه سكين قطع بها شرابة حاجيلته (1) ونزعها وتحفى، وكبر الرضا عليه السلام على الباب وكبر الناس معه، فخيل إلينا أن السماء والحيطان تجاوبه، وتزعزعت مرو بالبكاء والضجيج، لما رأوا أبا الحسن عليه السلام، وسمعوا تكبيره.
قلت ويحق لي أن أنشد في هذا المقام:
ذكروا بطلعتك النبي فهللوا * لما خرجت إلى الصلاة وكبروا ومشيت مشية خاضع متواضع * لله لا يزهى ولا يتكبر فافتن فيك الناظرون فإصبع * يومى إليك بها وعين تنظر يجدون رؤيتك التي فازوا بها * من أنعم الله التي لا تكفر لكن المأمون كفر بهذه النعمة الجزيلة لما بلغه ذلك وخاف إن بلغ عليه السلام المصلى على هذا السبيل افتتن (2) به الناس، فبعث إليه: قد كلفناك شططا وأتعبناك، ولسنا نحب أن تلحقك مشقة، فارجع وليصل بالناس من كان يصلي بهم على رسمه.
فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفه فلبسه وركب ورجع، واختلف أمر الناس في ذلك اليوم (3). ولم ينتظم في صلاتهم.
روى الصدوق عن علي بن إبراهيم عن ياسر الخادم، قال: كان الرضا عليه السلام إذا رجع يوم الجمعة من الجامع وقد أصابه العرق والغبار رفع يديه، وقال: (اللهم إن كان فرجي مما أنا فيه بالموت فعجل لي الساعة)، ولم يزل مغموما مكروبا إلى أن قبض صلوات الله عليه (4).