عليه، وذلك لما رأى، فأشار إليه الرضا عليه السلام فدنا منه، فقال له في اذنه سرا: لا تشغل قلبك بشئ مما ترى من هذا الأمر ولا تستبشر به فإنه لا يتم (1).
أقول: لما جعل المأمون أبا الحسن الرضا عليه السلام ولي عهده وإن الشعراء قصدوه ومدحوه وصوبوا رأي المأمون في الأشعار كان فيمن ورد عليه من الشعراء: دعبل بن علي الخزاعي (2)، فلما دخل عليه، قال: إني قد قلت قصيدة فجعلت على نفسي أن لا أنشدها على أحد قبلك، فأمره بالجلوس حتى خف مجلسه، ثم قال له: هاتها، فأنشده قصيدته التي أولها:
مدارس آيات خلت من تلاوة ومنزل وحي مقفر العرصات وكان مع دعبل إبراهيم بن العباس فأنشده:
أزالت عزاء القلب بعد التجلد * مصارع أولاد النبي محمد (3) فوهب الرضا عليه السلام لهما عشرين ألف درهم من الدراهم التي عليها اسمه، كان المأمون أمر بضربها في ذلك الوقت، [قال] (4): فأما دعبل فصار بالعشرة آلاف التي حصته إلى قم، فباع كل درهم بعشرة دراهم، فتخلصت له مائة ألف درهم.
وأما إبراهيم فلم تزل عنده بعد أن أهدى بعضها، وفرق بعضها على أهله إلى أن توفي رحمه الله، فكان كفنه وجهازه منه (5).