قلت: ولإبراهيم مدائح كثيرة في الرضا عليه السلام، وكان شعره في مدحه عليه السلام معروفا، ينسخ إلى زمان المتوكل، فجمعه إبراهيم فأحرقه من خوف المتوكل، وكان له ابنان اسمهما الحسن والحسين، فلما ولي المتوكل سماهما إسحاق وعباسا فزعا منه (1).
وروي عن علي بن إبراهيم عن ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعا قالا:
لما حضر العيد وكان قد عقد للرضا عليه السلام الأمر بولاية العهد، بعث المأمون إليه في الركو ب إلى العيد والصلاة بالناس والخطبة لهم، فبعث إليه الرضا عليه السلام قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول الأمر فاعفني من الصلاة بالناس، فقال له المأمون: إنما أريد بذلك أن تطمئن قلوب الناس، ويعرفوا فضلك، ولم تزل الرسل تتردد بينهما في ذلك.
فلما ألح عليه المأمون أرسل إليه إن أعفيتني فهو أحب إلي، وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال له المأمون: اخرج كيف شئت، وأمر [المأمون] القواد والحجاب والناس أن يبكروا إلى باب الرضا عليه السلام.
قال: فقعد الناس لأبي الحسن عليه السلام في الطرقات والسطوح، واجتمع النساء والصبيان ينتظرون خروجه، وصار جميع القواد والجند إلى بابه، فوقفوا على دوابهم حتى طلعت الشمس، فاغتسل أبو الحسن عليه السلام ولبس ثيابه وتعمم بعمامة بيضاء من قطن القى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه، ومس شيئا من الطيب، واخذ بيده عكازا (2)، وقال لمواليه: افعلوا مثل ما فعلت، فخرجوا بين يد يه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة، فمشى قليلا ورفع رأسه إلى السماء وكبر، وكبر مواليه معه، ثم مشى حتى وقف على الباب.