لابس الخضرة وعلى رأسه عمامة متقلدا بسيف، فأمر المأمون ابنه العباس بالقيام إليه ومبايعته أول الناس.
فرفع الرضا عليه السلام يده وجعلها من فوق، فقال له (1) المأمون: ابسط يدك، فقال له الرضا عليه السلام: هكذا كان يبايع رسول الله صلى الله عليه وآله يده فوق أيديهم، فقال: افعل ما ترى، ثم وضعت بدر الدراهم والدنانير وبقج الثياب والخلع، وقام الخطباء والشعراء وذكروا ما كان من أمر المأمون، من ولاية عهده للرضا عليه السلام، وذكروا فضل الرضا عليه السلام، وفرقت الصلات والجوائز على الحاضرين على قدر مراتبهم، وأول من بد ئ به العلويون، ثم العباسيون، ثم باقي الناس على قدر منازلهم ومراتبهم.
ثم إن المأمون قال للرضا عليه السلام: قم فاخطب الناس فقام، فحمد الله وأثنى عليه وثنى بذكر نبيه محمد صلى الله عليه وآله فصلى عليه، وقال: (أيها الناس إن لنا عليكم حقا برسول الله صلى الله عليه وآله ولكم علينا حق به، فإذا أديتم إلينا ذلك وجب لكم علينا الحكم (2) والسلام).
ولم يسمع منه في هذا المجلس غير هذا، وخطب للرضا عليه السلام بولاية العهد في كل بلد، وخطب عبد الجبار بن سعيد في تلك السنة على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله بالمدينة فقال في الدعاء للرضا عليه السلام، وهو على المنبر: ولي عهد المسلمين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام، وأنشد:
ستة آباء هم ما هم * أفضل من يشرب صوب الغمام (3) ذكر المدائني قال: لما جلس الرضا عليه السلام ذلك المجلس وهو لا بس تلك الخلع، والشعراء والخطباء يتكلمون، وتلك الألوية تخفق على رأسه، نظر الرضا عليه السلام إلى بعض مواليه الحاضرين ممن كان يختص به، وقد داخله من السرور مالا مزيد