قال: فلما مات صلوات الله عليه أخرجناه وجعلنا نحمل مؤخر السرير ونكفي مقدمه، وجعلنا نسمع دويا وحفيفا حتى أتينا الغريين، فإذا صخرة بيضاء تلمع نورها فاحتفرنا، فإذا ساجة مكتوب عليها: هذه مما ادخرها نوح لعلي بن أبي طالب عليه السلام، فد فناه فيه وانصرفنا، ونحن مسرورون باكرام الله تعالى لأمير المؤمنين عليه السلام، فلحقنا قوم من الشيعة لم يشهدوا الصلاة عليه، فأخبرناهم بما جرى وباكرام الله لأمير المؤمنين عليه السلام، فقالوا: نحب أن نعاين من أمره ما عاينتم، فقلنا لهم: إن الموضع قد عفي أثره بوصية منه عليه السلام، فمضوا وعادوا إلينا فقالوا: إنهم احتفروا فلم يجدوا شيئا (1).
وروي عن جابر بن يزيد [الجعفي]، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام أين دفن أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: دفن بناحية الغريين، ودفن قبل طلوع الفجر، ودخل قبره الحسن والحسين ومحمد بنو علي عليهم السلام، وعبد الله بن جعفر رضي الله عنه (2).
قال الشيخ المفيد: فلم يزل قبره عليه السلام مخفيا حتى دل عليه الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام، في الدولة العباسية، وزاره عند وروده إلى أبي جعفر [المنصور] وهو بالحيرة، فعرفته الشيعة واستأنفوا إذ ذاك زيارته، عليه وعلى ذريته الطاهرين السلام، وكانت سنه يوم وفاته ثلاثا وستين سنة (3).
قال محمد بن بطوطة في رحلته التي سماها: (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)، وقد فرغ منها سنة 756 [ه] ستة وخمسين وسبعمائة في ذكر وروده من مكة إلى مشهد مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام.
ذكر الروضة والقبور التي بها، ويدخل من باب الحضرة إلى مدرسة عظيمة يسكنها الطلبة والصوفية من الشيعة، ولكل وارد ضيافة ثلاثة أيام من الخبز واللحم