حتى خشيت عليه ودخل الحسين عليه السلام، والأسود بن أبي الأسود، فانكب عليه حتى قبل رأسه وعينيه (1)، ثم قعد عنده فتسارا جميعا، فقال أبو الأسود: إنا لله إ ن الحسن قد نعيت إليه نفسه، وقد أوصى إلى الحسين عليه السلام، وتوفي يوم الخميس في آخر صفر سنة خمسين من الهجرة وله سبعة وأربعون سنة، ودفن بالبقيع، انتهى (2).
قلت: ومما أوصى عليه السلام إلى أخيه الحسين عليه السلام أن قال: إذا أنا مت فهيئني، ثم وجهني إلى قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله لاجدد به عهدا، ثم ردني إلى قبر جدتي فاطمة رحمة الله عليها فادفني هناك، وستعلم يا ابن أم أن القوم يظنون إنكم تريدون دفني عند [جدي] (3) رسول الله صلى الله عليه وآله فيجلبون [في منعكم] (4) في ذلك ويمنعونك منه، وبالله أقسم عليك أن تهرق في أمري محجمة دم، ثم وصى إليه عليهما السلام باهله وولده، وتركاته، وما كان وصى به إليه أمير المؤمنين عليه السلام، حين استخلفه، فلما قبض سلام الله عليه غسله (5) الحسين عليه السلام وكفنه وحمله على سريره، وانطلق به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصلي فيه على الجنائز.
فصلى عليه، ولم يشك مروان ومن معه من بني أمية أنهم سيدفنونه عند رسول الله صلى الله عليه وآله فتجمعوا ولبسوا السلاح، فلما توجه به الحسين عليه السلام إلى قبر جده رسول الله صلى الله عليه وآله ليجدد به عهدا، أقبلوا إليه في جمعهم ولحقتهم الحميراء (6) على بغل، وهي تقول: مالي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب؟ نحوا ابنكم عن بيتي فإنه لا يدفن فيه شئ ولا يهتك على رسول الله حجابه.
منعته عن حرم النبي ضلالة * وهو ابنه فلأي أمر يمنع فكأنه روح النبي وقد رأت * بالبعد بينهما العلائق تقطع (7)