معصب بعصابة، وقد علت صفرة وجهه على تلك العصابة، وإذا هو يرفع فخذا ويضع أخرى من شدة الضربة وكثرة السم، فقال لي: يا أصبغ أما سمعت قول الحسن عن قولي، قلت: يا أمير المؤمنين ولكني رأيتك في حالة فأحببت النظر إليك، وأن أسمع منك حديثا، فقال لي: اقعد فما أراك تسمع مني حديثا بعد يومك هذا.
إعلم يا أصبغ أني أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله عائدا كما جئت الساعة، فقال: يا أبا الحسن اخرج فناد في الناس الصلاة جامعة، واصعد المنبر وقم دون مقامي بمرقاة، وقل للناس: ألا من عق والديه فلعنة الله عليه، ألا من أبق من مواليه فلعنة الله عليه، ألا من ظلم أجيرا اجرته فلعنة الله عليه. يا أصبغ، ففعلت ما أمرني به حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله، فقام من أقصى المسجد رجل، فقال: يا أبا الحسن تكلمت بثلاث كلمات وأوجزتهن، فاشرحهن لنا، فلم أرد جوابا حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: ما كان من الرجل.
قال الأصبغ: ثم اخذ بيدي وقال: [يا أصبغ] إبسط يدك فبسطت يدي، فتناول إصبعا من أصابع يدي، وقال: يا أصبغ كذا تناول رسول الله صلى الله عليه وآله إصبعا من أصابع يدي، كما تناولت إصبعا من أصابع يدك، ثم قال صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن ألا وإني وأنت أجيرا هذه الأمة، فمن عقنا فلعنة الله عليه، ألا وإني وأنت موليا هذه الأمة فعلى من أبق عنا فلعنة الله، ألا وإني وأنت أجيرا هذه الأمة، فمن ظلمنا أجرتنا فلعنة الله عليه، ثم قال: آمين فقلت: آمين.
قال الأصبغ: ثم أغمي عليه، ثم أفاق فقال لي: أقاعد أنت يا أصبغ؟ قلت: نعم يا مولاي، قال: أزيدك حديثا آخر، قلت: نعم زادك الله من مزيدات الخير، قال: يا أصبغ لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض طرقات المدينة وأنا مغموم قد تبين الغم في وجهي.
فقال لي: يا أبا الحسن أراك مغموما ألا أحدثك بحديث لا تغتم بعده أبدا، قلت: نعم، قال: إذا كان يوم القيامة نصب الله منبرا يعلو منابر النبيين والشهداء، ثم