إلى مكة المعظمة، وهو عند رأس النبي صلى الله عليه وآله قائما يصلي، فقطع عليه صلاته وحمل وهو يبكي ويقول: إليك أشكو يا رسول الله ما القى.
وأقبل الناس من كل جانب يبكون ويضجون (1)، فلما حمل إلى بين يدي الرشيد سلم على الرشيد فلم يرد عليه السلام وشتمه وجفاه وقيده، فلما جن عليه الليل أمر بقبتين (2) فهيئا له، فحمل موسى بن جعفر عليهما السلام إلى إحداهما في خفاء، ودفعه إلى حسان السروي وأمره أن (3) يسير به في قبته (4) إلى البصرة فيسلمه إلى عيسى ابن جعفر بن أبي جعفر - وهو أميرها -، ووجه قبة أخرى علانية نهارا إلى الكوفة معها جماعة ليعمى على الناس أمر موسى بن جعفر عليهما السلام.
فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم، فدفعه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر نهارا علانية حتى عرف ذلك وشاع أمره (5)، فحبسه عيسى في بيت من بيوت المحبس الذي كان يحبس (6) فيه، وأقفل عليه، وشغله عنه العيد (7)، فكان لا يفتح عنه الباب إلا في حالتين: حال (8) يخرج فيها إلى الطهور، وحال (9) يدخل إليه (10) فيها الطعام.
قال نصراني من كتاب عيسى: لقد سمع هذا الرجل الصالح في أيامه في هذه الدار التي هو فيها من ضروب الفواحش والمناكير ما أعلم ولا أشك أنه لم يخطر بباله (11) وروي أنه حبسه عنده سنة، ثم كتب إلى الرشيد: أن خذه مني، وسلمه إلى من شئت وإلا خليت سبيله، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجة فما أقدر على ذك،