ما ترى في البيت؟ قلت (1): ثوبا مطروحا، فقال: انظر حسنا فتأملت ونظرت فتيقنت، فقلت: رجل ساجد، فقال لي: تعرفه؟ قلت: لا، قال: هذا مولاك، قلت:
ومن مولاي؟ فقال: تتجاهل علي؟ فقلت: ما أتجاهل ولكني لا أعرف لي مولى، فقال: هذا أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إني أتفقده في (2) الليل والنهار فلم أجده في وقت من الأوقات إلا على الحال التي أخبرك بها، إنه يصلي الفجر فيقف ساعة في دبر صلاته إلى أن تطلع الشمس، ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجدا حتى تزول الشمس، وقد وكل من يترصد له الزوال، فلست أدري متى يقول الغلام: قد زالت الشمس، إذ يثب فيبتدئ بالصلاة من غير أن يجدد وضوءا.
فأعلم أنه لم ينم في سجوده ولا أغفى فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر، فإذا صلى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجدا إلى أن تغيب الشمس، فإذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلى المغرب من غير أن يحدث حدثا، ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلي العتمة، فإذا صلى العتمة أفطر على شوي يؤتى به، ثم يجدد الوضوء، ثم يسجد، ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة، ثم يقوم فيجدد الوضوء، ثم يقوم فلا يزال يصلي في جوف الليل حتى يطلع الفجر، فلست أدري متى يقول الغلام: إن الفجر قد طلع؟! إذ قد وثب هو لصلاة الفجر، فهذا دأبه منذ حول إلي (3).
وروي عن الخطيب البغدادي - وهو من أعاظم أهل السنة وثقات المؤرخين وقدمائهم - إنه قال: كان موسى عليه السلام يدعى العبد الصالح من شدة (4) عبادته واجتهاده (5).
روي أنه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فسجد سجدة في أول الليل، فسمع