وهو يقول [في سجوده] (1): (عظم الذنب من عبدك (2) فليحسن العفو من (3) عندك، يا أهل التقوى، ويا أهل المغفرة) فجعل يرددها حتى أصبح (4).
قلت: وفي حديث طويل عن المأمون يصف فيه موسى بن جعفر عليهما السلام، ويذكر وروده على أبيه الرشيد بالمدينة، يقول: إذ دخل شيخ مسخد (5) قد أنهكته العبادة كأنه شن بال قد كلم (6) السجود وجهه وأنفه (7).
وبالجملة كان عليه السلام حليف السجدة الطويلة والدموع الغزيرة (8).
وكان له غلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه وعرنين أنفه من كثرة سجوده (9):
طالت لطول سجود منه ثفنته * فقرحت جبهة منه وعرنينا رأى فراغته في السجن منيته * ونعمة شكر الباري بها حينا وحكي إنه توفي صلوات الله عليه في حال السجود لله تعالى.
أقول: ولقد اقتدى به عليه السلام في ذلك جماعة ممن لقيه ورآه، منهم: محمد بن أبي عمير الثقة (10) الجليل الأواه.