فقالت امرأته: لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله عليه السلام، وكان بالحيرة إذ ذاك أيام أبي العباس.
قال: فذهبت إلى الحيرة ولم أقدر على كلامه، إذ منع الخليفة الناس من الدخول على أبي عبد الله عليه السلام، وأنا أنظر كيف ألتمس لقاءه، فإذا سوادي (1) عليه جبة صوف يبيع خيارا، فقلت له: بكم خيارك هذا كله؟ قال: بدرهم، فأعطيته درهما، وقلت له: أعطني جبتك هذه، فأخذتها ولبستها وناديت: من يشتري خيارا؟ ودنوت منه عليه السلام، فإذا غلام من ناحية ينادي: يا صاحب الخيار، فقال عليه السلام لي - لما دنوت منه -: ما أجود ما احتلت! أي شئ حاجتك؟ قلت:
إني ابتليت فطلقت أهلي في دفعة ثلاثا، فسألت أصحابنا فقالوا: ليس بشئ، وإن المرأة قالت: لا أرضى حتى تسأل أبا عبد الله عليه السلام، فقال: ارجع إلى أهلك فليس عليك شئ (2).
وروى الكشي عن عنبسة، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أشكو إلى الله وحدتي وتقلقلي من أهل المدينة حتى تقدموا وأراكم وأسر بكم، فليت هذا الطاغية اذن لي فاتخذت قصرا فسكنته وأسكنتكم معي، وأضمن له أن لا يجئ من ناحيتنا مكروه أبدا (3).
أقول: لما منع الصادق عليه السلام من القعود للناس شق ذلك على شيعته، وصعب عليهم، حتى ألقى الله عز وجل في روع المنصور أن يسأل الصادق عليه السلام ليتحفه بشئ من عنده، لا يكون لأحد مثله، فبعث إليه بمخصرة (4) كانت للنبي صلى الله عليه وآله عليها السلام طولها ذراع، ففرح بها فرحا شديدا، وأمر أن تشق له أربعة أرباع، وقسمها في