فما لبث أن وافى وقد سبقته رائحته.
فاقبل المنصور على جعفر عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله حديث حدثته (1) في صلة الرحم، أذكره يسمعه المهدي، قال: نعم، حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الرجل ليصل رحمه وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيرها (2) الله عز وجل ثلاثين سنة ويقطعها، وقد بقي من عمره ثلاثون سنة يصيرها الله ثلاث سنين، ثم تلا عليه السلام: * (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * (3)، قال: هذا حسن يا أبا عبد الله وليس إياه أردت، قال أبو عبد الله عليه السلام: نعم، حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: صلة الرحم تعمر الديار وتزيد في الأعمار، وإن كان أهلها غير أخيار، قال: هذا حسن يا أبا عبد الله وليس هذا أردت، فقال أبو عبد الله عليه السلام: نعم، حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: صلة الرحم تهون الحساب، وتقي ميتة السوء، قال المنصور: نعم هذا أردت (4).
روى الشيخ ابن شهرآشوب رحمه الله عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر [قال]: إن المنصور قد كان هم بقتل أبي عبد الله عليه السلام غير مرة، فكان إذ ا بعث إليه ودعاه ليقتله، فإذا نظر إليه هابه ولم يقتله، غير أنه منع الناس عنه، ومنعه من القعود للناس، واستقصى عليه أشد الاستقصاء، حتى أنه كان يقع لأحدهم مسألة في دينه، في نكاح أو طلاق أو غير ذلك، فلا يكون علم ذلك عندهم، ولا يصلون إليه، فيعتزل الرجل وأهله (5).
قلت: ويؤيد هذا الخبر ما رواه القطب الراوندي عن هارون بن خارجة، قال: كان رجل من أصحابنا طلق امرأته ثلاثا، فسأل أصحابنا، فقالوا: ليس بشئ،