ولا دفعت عنه الحصون التي بنى * وحف بها أنهارها والدساكر ولا قارعت عنه المنية خيله * ولا طمعت في الذب عنه العساكر أتاه من أمر الله ما لا يرد، ونزل به من قضائه ما لا يصد، فتعالى الملك الجبار المتكبر القهار، قاصم الجبارين ومبير المتكبرين.
مليك عزيز ما يرد قضاؤه * عليم حكيم نافذ الامر قاهر عنا كل ذي عز لعزة وجهه * فكل عزيز للمهيمن صاغر لقد خشعت واستسلمت وتضاءلت * لعزة ذي العرش الملوك الجبابر فالبدار البدار، والحذار الحذار من الدنيا ومكائدها، وما نصبت لك من مصائدها، وتجلى لك من زينتها، واستشرف لك من فتنتها.
وفي دون ما عاينت من فجعاتها * إلى رفضها داع وبالزهد آمر فجد ولا تغفل فعيشك زائل * وأنت إلى دار المنية صائر ولا تطلب الدنيا فإن طلابها * وان نلت منها غبه لك ضائر فهل يحرص عليها لبيب، أو يسر بلذتها أريب، وهو على ثقة من فنائها، وغير طامع في بقائها، أم كيف تنام عين من يخشى البيات، أو تسكن نفس من يتوقع الممات.
ألا لا ولكنا تغر نفوسنا * وتشغلنا اللذات عما نحاذر وكيف يلذ العيش من هو موقن * بموقف عدل حين تبلى السرائر كأنا نرى ألا نشور واننا * سدى مالنا بعد الفناء مصائر وما عسى أن ينال طالب الدنيا من لذتها، ويتمتع به من بهجتها مع فنون مصائبها، وأصناف عجائبها، وكثرة تعبه في طلابها، و [تكادحه] (1) في اكتسابها وما يكابد (2) من أسقامها وأوصابها.