اليوم، ونجانا وإياكم من عقابه، وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه، عباد الله فلو كان ذلك قصر مرماكم، ومدى مظعنكم، كان حسب العامل شغلا يستفرغ عليه أحزانه ويذهله عن دنياه، ويكثر نصبه لطلب الخلاص منه، فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه، مستوقف على حسابه، لا وزير له يمنعه، ولا ظهير عنه يدفعه، ويومئذ لا ينفع نفسا إيمانها، لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرا، قل انتظروا، انا منتظرون، أوصيكم بتقوى الله فإن الله قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب، ويرزقه من حيث لا يحتسب، فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم، ويأمن العقوبة من ذنبه، فإن الله تبارك وتعالى لا يخدع عن جنته، ولا ينال ما عنده، إلا بطاعته إن شاء الله (1).
وفي وصية موسى بن جعفر عليهما السلام لهشام، قال: وقال الحسين بن علي (2) عليهما السلام: إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الأرض ومغاربها، بحرها وبرها، وسهلها وجبلها، عند ولي من أولياء الله وأهل المعرفة بحق الله، كفئ الظلال، ثم قال عليه السلام: ألا حر (3) يدع هذه اللماظة لأهلها - يعني الد نيا - ليس (4) لأنفسكم ثمن إلا الجنة، فلا تبيعوها بغيرها، فإنه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس (5).
ونقل السيد الاجل السيد علي خان، من كتاب خلق الإنسان، للفاضل النيسابوري إنه قال: كان الحسين بن علي سيد الشهداء عليه السلام كثيرا ما ينشد هذه الأبيات، وتزعم الرواة أنها مما أملته نفسه الطاهرة على لسان مكارمه الوافرة:
لئن كانت الا فعال يوما لأهلها * كمالا فحسن الخلق أبهى وأكمل وإن كانت الأرزاق رزقا مقدر ا * فقلة جهد المرء في الكسب أجمل