بنفسه وماله من ابن أبي قحافة، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر لكن خلة الإسلام سدوا عني كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر. خرجه أحمد والبخاري وأبو حاتم واللفظ له. وقال في قوله: سدوا عني كل خوخة إلى آخره دليل على حسم أطماع الناس كلهم من الخلافة إلا أبا بكر.
قلت: وهذا القول وحده لا ينهض في الدلالة وإنما بانضمام القرائن الحالية إليه حصلت، وذلك بارتقائه المنبر في حال المرض ومواجهة الناس بذلك وتعريفهم بحق أبي بكر وتفضيله بذكر الخلة، وذلك تنبيه على أنه الخليفة من بعده. وكان هذا القول كالتوصية لهم به لأنه قرب الموت، وكذلك فهمه الصحابة من القال والحال " (1).
أقول: فإذا كان حديث الخوخة يدل على خلافة أبي بكر بانضمام القرائن من ارتقاء المنبر ومواجهة الناس والتعريف بحق أبي بكر وتفضيله... كما قال المحب الطبري، فإن حديث الغدير - بغض النظر عن دلالته بوحده - يدل على إمامة وخلافة أمير المؤمنين بانضمام تلك القرائن إليه، من ارتقاء المنبر قرب الموت، والتعريف بحق علي وأهل البيت عليهم السلام، وأنه مولى من كان النبي " ص " مولاه - وهو يفيد التساوي من جميع الوجوه وتفضيل علي بذلك كما فهمه الدهلوي - ونزول الآيات الكريمة من القرآن الكريم في تلك الواقعة، وشدة اهتمام النبي " ص " بالأمر، وخوفه من شر المخالفين، وكون الواقعة في زمان ومكان لم يتعارف فيه هكذا اجتماع، ثم أمره " ص " برد من تقدم والحاق من تخلف، وصنعه منبرا له من أقتاب الإبل، ثم رفعه لعلي حتى رآه الناس كلهم، مع تغيير ملابسه وتعميمه إياه بيده، ثم تهنئة الشيخين وعامة الأصحاب والأزواج لعلي، وترتب الثواب العظيم على صوم هذا اليوم المبارك إلى غير ذلك..