وعلم أن قول المختار عنه، فعزم على الخروج من الكوفة فأحضر رجلا من بني تيم اللات اسمه مالك وكان شجاعا وأعطاه أربع مائة دينار وقال: هذه معك لحوائجنا و خرجا، فلما كان عند حمام عمر أو نهر عبد الرحمان وقف وقال: أتدري لم خرجت؟
قال: لا، قال: خفت المختار، فقال ابن دومة - يعني المختار - أضيق أستأمن أن يقتلك، وإن هربت هدم دارك، وانتهب عيالك ومالك، وخرب ضياعك وأنت أعز العرب، فاغتر بكلامه فرجعا على الروحاء فدخلا الكوفة مع الغداة.
هذا قول المرزباني وقال غيره: إن المختار علم خروجه من الكوفة، فقال: و فينا له وغدر، وفي عنقه سلسلة لو جهد أن ينطلق ما استطاع، فنام عمر على الناقة فرجعت وهو لا يدري حتى ردته إلى الكوفة، فأرسل عمر ابنه إلى المختار قال له: أين أبوك؟ قال: في المنزل ولم يكونا يجتمعان عند المختار، وإذا حضر أحدهما غاب الآخر خوفا أن يجتمعا فيقتلهما، فقال حفص: أبي يقول: أتفي لنا بالأمان؟ قال: إجلس و طلب المختار أبا عمرة، وهو كيسان التمار فأسر إليه أن اقتل عمر بن سعد وإذا دخلت ورأيته يقول: يا غلام علي بطيلساني 1 فإنه يريد السيف فبادره واقتله فلم يلبث أن جاء و معه رأسه.
فقال حفص: إنا لله وإنا إليه راجعون، فقال له: أتعرف هذا الرأس؟ قال:
نعم، ولا خير في العيش بعده، فقال: إنك لا تعيش بعده فقال: وأمر بقتله وقال المختار: عمر بالحسين وحفص بعلي بن الحسين ولا سواء، والله لأقتلن سبعين ألفا كما قتل بيحيى بن زكريا عليهما السلام. وقيل: إنه قال: لو قتلت ثلاثة أرباع قريش لما وفوا بأنملة من أنامل الحسين عليه السلام.
وكان محمد بن الحنفية يعتب على المختار لمجالسة عمر بن سعد وتأخير قتله فحمل الرأسين إلى مكة مع مسافر بن سعد الهمداني وظبيان بن عمارة التميمي فبينا محمد بن الحنفية جالسا في نفر من الشيعة، وهو يعتب على المختار، فما تم كلامه إلا