قد أحببت زيارتك والاخذ بالحظ من رؤيتك فإذا نظرت في كتابي هذا فاقبل إلي آمنا مطمئنا أرشدك الله أمرك، وغفر لك ذنبك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قال: فلما ورد الكتاب على محمد بن علي وقرأه أقبل على ابنيه جعفر و عبد الله أبي هاشم، فاستشارهما في ذلك، فقال له ابنه عبد الله: يا أبة اتق الله في نفسك ولا تصر إليه فإني خائف أن يلحقك بأخيك الحسين ولا يبالي، فقال محمد: يا بني ولكني لا أخاف ذلك منه.
فقال له ابنه جعفر: يا أبه إنه قد ألطفك في كتابه إليك وأظنه يكتب إلى أحد من قريش بأن أرشدك الله أمرك وغفر لك ذنبك، وأنا أرجو أن يكف الله شره عنك قال: فقال محمد بن علي: يا بني إني توكلت على الله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وكفى بالله وكيلا.
قال: ثم تجهز محمد بن علي وخرج من المدينة وسار حتى قدم على يزيد بن معاوية بالشام، فلما استأذن أذن له وقربه وأدناه وأجلسه معه على سريره، ثم أقبل عليه بوجهه، فقال: يا أبا القاسم آجرنا الله وإياك في أبي عبد الله الحسين بن علي فوالله لئن كان نقصك فقد نقصني، ولئن كان أوجعك فقد أوجعني، ولو كنت أنا 1 المتولي لحربه لما قتلته (ولو كنت استولي لحربه لما قتلته) ولدفعت عنه القتل ولو بحز 2 أصابعي وذهاب بصري: ولفديته بجميع ما ملكت يدي، وإن كان قد ظلمني وقطع رحمي ونازعني حقي، ولكن عبيد الله بن زياد لم يعلم رأيي في ذلك فعجل عليه بالقتل فقتله، ولم يستدرك ما فات، وبعد فإنه ليس يجب علينا أن نرضى بالدنية في حقنا ولم يكن يجب على أخيك أن ينازعنا في أمر خصنا الله به دون غيرنا، وعزيز علي ما ناله والسلام فهات الآن ما عندك يا أبا القاسم.
قال: فتكلم محمد بن علي فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إني قد سمعت كلامك فوصل الله رحمك ورحم حسينا وبارك له فيما صار إليه من ثواب ربه والخلد الدائم الطويل في جوار الملك الجليل، وقد علمنا أن ما نقصنا فقد نقصك وما عراك فقد