ثم قال: يا أبا القاسم إني لا أعلم في أهل بيتك اليوم رجلا هو أعلم منك بالحلال والحرام، وقد كنت أحب أن لا تفارقني وتأمرني بما فيه حظي ورشدي فوالله ما أحب أن تنصرف عني وأنت ذام لشئ من أخلاقي، فقال له محمد بن علي عليهما السلام: أما ما كان منك إلى الحسين بن علي عليهما السلام فذاك شئ لا يستدرك، وأما الآن فإني ما رأيت منك منذ قدمت عليك إلا خيرا ولو رأيت منك خصلة أكرهها لما وسعني السكوت دون أن أنهاك عنها، وأخبرك بما يحق (ا) لله عليك منها للذي أخذ الله تبارك وتعالى على العلماء في علمهم أن يبينوه للناس ولا يكتموه ولست مؤديا عنك إلى من ورائي من الناس إلا خير، غير أني أنهاك عن شرب هذا المسكر فإنه رجس من عمل الشيطان، وليس من ولي أمور الأمة ودعي له بالخلافة على رؤوس الاشهاد على المنابر كغيره من الناس، فاتق الله في نفسك وتدارك ما سلف من ذنبك والسلام.
قال: فسر يزيد بما سمع من محمد بن علي سرورا شديدا ثم قال: فإني قابل منك ما أمرتني به وأنا أحب أن تكاتبني في كل حاجة تعرض لك من صلة أو تعاهد ولا تقصرن في ذلك.
فقال محمد بن علي: أفعل ذلك إن شاء الله ولا أكون إلا عندما تحب.
قال: ثم ودعه محمد بن علي ورجع إلى المدينة ففرق 1 ذلك المال كله في أهل بيته، وسائر بني هاشم وقريش حتى لم يبق من بني هاشم وقريش من الرجال والنساء والذرية والموالي إلا صار إليه شئ من ذلك المال، ثم خرج محمد بن علي عليهما السلام من المدينة إلى مكة فأقام بها مجاورا لا يعرف شيئا غير الصوم والصلاة و صلى الله على محمد وآله ورضى عنهم ورزقنا شفاعتهم بحوله ومنه وفضله و كرمه إن شاء الله تعالى. 2