ثم قال السيد: ثم إن ابن زياد جلس في القصر للناس، وأذن إذنا عاما، وجيئ برأس الحسين عليه السلام فوضع بين يديه، وادخل نساء الحسين عليه السلام وصبيانه إليه، فجلست زينب بنت علي عليهما السلام متنكرة، فسأل عنها، فقيل: هذه زينب بنت علي، فأقبل عليها 1 فقال: الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم، فقال: إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا، فقال ابن زياد لعنه الله: كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت: ما رأيت إلا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع [الله] بينك وبينهم فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا بن مرجانة.
قال: فغضب [ابن زياد] وكأنه هم بها، فقال له عمرو بن حريث: إنها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشئ من منطقها، فقال لها ابن زياد: لقد شفى الله [قلبي] من طاغيتك الحسين - عليه السلام - والعصاة المردة من أهل بيتك، فقالت: لعمري لقد قتلت كهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي، فإن كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت، فقال ابن زياد: هذه سجاعة! ولعمري لقد كان أبوك سجاعا شاعرا، فقالت: يا بن زياد ما للمرأة والسجاعة. 2 وقال ابن نما: وإن لي عن السجاعة لشغلا وإني لاعجب ممن يشتفي بقتل أئمته، ويعلم أنهم منتقمون منه في آخرته. 3 وقال المفيد (ره): فوضع الرأس بين يديه ينظر إليه ويتبسم، وبيده قضيب يضرب به ثناياه، وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وهو شيخ كبير، فلما رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال [له]: ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين، فوالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وآله عليهما مالا أحصيه يقبلهما، ثم انتحب باكيا، فقال له ابن زياد: أبكى الله عينيك، أتبكي لفتح الله؟ والله لولا أنك شيخ كبير قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك، فنهض زيد بن أرقم من بين