أتبكون؟ اي والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلا، فلقد فزتم بعارها وشنارها، ولن تغسلوا دنسها عنكم أبدا، فسليل خاتم الرسالة، وسيد شباب أهل الجنة، و ملاذ خيرتكم، ومفزع نازلتكم، وأمارة محجتكم، ومدرجة حجتكم خذلتم، وله قتلتم، ألا ساء ما تزرون، فتعسا ونكسا، ولقد خاب السعي، وتبت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة.
ويلكم أتدرون أي كبد لمحمد صلى الله عليه وآله فريتم؟ وأي دم له سفكتم؟ وأي كريمة له أصبتم؟ لقد جئتم شيئا إدا، تكاد السماوات يتفطرن منه، وتنشق الأرض، و تخر الجبال هدا، ولقد أتيتم بها خرقاء 1 شوهاء طلاع الأرض والسماء، أفعجبتم أن قطرت السماء دما؟ ولعذاب الآخرة أخزى، فلا يستخفنكم المهل، فإنه لا يعجزه 2 البدار، ولا يخاف عليه فوت الثأر، كلا إن ربك لبالمرصاد.
قال: ثم سكتت، فرأيت الناس حيارى قد ردوا أيديهم في أفواههم، ورأيت شيخا وقد بكى حتى اخضلت لحيته وهو يقول:
كهولهم خير الكهول ونسلهم * إذا عد نسل لا يخيب ولا يخزى 3 أقول: في بعض الكتب المعتبرة: روي مرسلا عن مسلم الجصاص، قال:
دعاني ابن زياد عليه اللعنة لاصلاح دار الامارة بالكوفة، فبينا أنا أجصص الأبواب و إذا أنا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة، فأقبلت على خادم كان معنا، فقلت:
مالي أرى الكوفة تضج؟ قال: الساعة أتوا برأس خارجي خرج على يزيد، فقلت: من هذا الخارجي؟ فقال: الحسين بن علي عليه السلام، قال: فتركت الخادم حتى خرج و لطمت وجهي حتى خشيت على عيني أن تذهبا، وغسلت يدي من الجص وخرجت من ظهر القصر وأتيت إلى الكناس.
فبينما أنا واقف والناس يتوقعون وصول السبايا والرؤوس إذ قد أقبلت نحو