أربعين شقة تحمل على أربعين جملا فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمة، وإذا بعلي بن الحسين عليهما السلام على بعير بغير وطاء، وأوداجه تشخب دما، وهو مع ذلك يبكي ويقول:
يا أمة السوء لا سقيا لربعكم * يا أمة لم نراع جدنا فينا لو أننا ورسول الله يجمعنا * يوم القيامة ما كنتم تقولونا تسيرونا على الاقتاب عارية * كأننا لم نشيد فيكم دينا بني أمية ما هذا الوقوف على * تلك المصائب لا تلبون داعينا تصفقون علينا كفكم فرحا * وأنتم في فجاج الأرض تسبونا أليس جدي رسول الله ويلكم * أهدى البرية من سبل المضلينا يا وقعة الطف قد أورثتني حزنا * والله يهتك أستار المسيئينا قال: وصار أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز والجوز، فصاحت بهم أم كلثوم وقالت: يا أهل الكوفة إن الصدقة علينا حرام، وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواههم وترمي به إلى الأرض، قال: كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم.
ثم إن أم كلثوم أطلعت رأسها من المحمل وقالت لهم: صه يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم، وتبكينا نساؤكم؟ فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء، فبينما هي تخاطبهن إذا بضجة قد ارتفعت، وإذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين عليه السلام و هو رأس زهري قمري أشبه الخلق برسول الله صلى الله عليه وآله ولحيته كسواد السبج 1 قد اتصل بها 2 الخضاب، ووجهه دارة قمر طالع والمرح 3 تلعب بها يمينا وشمالا، فالتفتت زينب عليها السلام فرأت رأس أخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل، حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها وأومأت إليه بخرقة وجعلت تقول:
يا هلالا لما استتم كمالا * غاله خسفه فأبدا غروبا