(الامارة) على الناس، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوه.
فبلغ عبيد الله بن زياد أن عمر بن سعد يسامر الحسين عليه السلام ويحدثه، ويكره قتاله، فوجه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس، وكتب إلى عمر بن سعد إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلن الحسين بن علي عليهما السلام وخذ بكظمه، وحل بين الماء وبينه كما حيل بين عثمان وبين الماء يوم الدار، فلما وصل الكتاب إلى عمر بن سعد لعنه الله، أمر مناديه فنادى: إنا قد أجلنا حسينا وأصحابه يومهم وليلتهم فشق ذلك على الحسين وعلى أصحابه، فقام الحسين عليه السلام في أصحابه خطيبا، فقال:
" اللهم إني لا أعرف أهل بيت أبر ولا أزكى ولا أطهر من أهل بيتي ولا أصحابا هم خير من أصحابي، وقد نزل بي ما قد ترون وأنتم في حل من بيعتي، ليست لي في أعناقكم بيعة، ولا لي عليكم ذمة، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا وتفرقوا في سواده، فإن القوم إنما يطلبوني، ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري ".
فقام إليه عبد الله بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليه السلام، فقال: يا بن رسول الله ماذا يقول لنا الناس إن نحن خذلنا شيخنا وكبيرنا وسيدنا وابن سيد الأعمام وابن نبينا سيد الأنبياء، لم نضرب معه بسيف، ولم نقاتل معه برمح، لا والله أو نرد موردك ونجعل أنفسنا دون نفسك، ودماءنا دون دمك، فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا وخرجنا مما لزمنا.
وقام إليه رجل يقال له: زهير بن القين البجلي، فقال: يا بن رسول الله وددت أني قتلت ثم نشرت، ثم قتلت ثم نشرت، ثم قتلت ثم نشرت فيك وفي الذين معك مائة قتلة، وأن الله دفع بي عنكم أهل البيت، فقال له ولأصحابه: جزيتم خيرا.
ثم إن الحسين عليه السلام أمر بحفيرة فحفرت حول عسكره شبه الخندق، وأمر (بحطب) فحشيت حطبا وأرسل عليا ابنه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ليستقوا الماء وهم على وجل شديد وأنشأ الحسين عليه السلام يقول:
يا دهر أف لك من خليل * كم لك في الاشراق والأصيل من طالب وصاحب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الامر إلى الجليل * وكل حي سالك سبيلي