كان غرضهم عدم الإذن للتقية، وعلى هذا يظهر وجه تشويش كلام الشيخ وتنافر أجزائه كما لا يخفى على المتأمل.
فاعتبر أيها العاقل الخبير أنه يجوز لمنصف أن يعول على مثل هذا الاجماع مع هذا التشويش والاضطراب، والاختلاف بين ناقليه، مع ما عرفت مع ما في أصله من البعد والوهن، ويعرض عن مدلولات الآيات والاخبار الصريحة الصحيحة، وهل يشترط في التكليف بالكتاب والسنة عمل الشيخ ومن تأخر عنه إلى زمان الشهيد حيث يعتبر أقوال أولئك ولا يعتبر أقوال هؤلاء، مع أنه لا ريب أن هؤلاء أدق فهما وأذكى ذهنا وأكثر تتبعا منهم، ونرى أفكارهم أقرب إلى الصواب في أكثر الأبواب وابتداء الفحص والتدقيق وترك التقليد للسلف نشأ من زمان الشهيد الأول قدس الله لطيفه، وإن أحدث المحقق والعلامة شيئا من ذلك.
قال الشهيد الثاني نور الله ضريحه في كتاب الرعاية: إن أكثر الفقهاء الذين نشأوا بعد الشيخ، كانوا يتبعونه في الفتوى تقليدا له لكثرة اعتقادهم فيه، وحسن ظنهم به، فلما جاء المتأخرون، وجدوا أحكاما مشهورة، قد عمل بها الشيخ ومتابعوه، فحسبوها شهرة بين العلماء، وما دروا أن مرجعها إلى الشيخ، وأن الشهرة إما حصلت بمتابعته، ثم قال: وممن اطلع على هذا الذي تبينته وتحققته من غير تقليد الشيخ الفاضل سديد الدين محمود الحمصي (1) والسيد رضي الدين بن طاوس وجماعة.
قال السيد في كتابه المسمى بالبهجة الثمرة المهجة أخبرني جدي الصالح ورام ابن أبي فراس قدس الله روحه: أن الحمصي حدثه أنه لم يبق للامامية مفت على التحقيق، بل كلهم حاك، وقال السيد عقيب ذلك: والآن قد ظهر أن الذي يفتى به