إمكان الاطلاع على مذاهب جميع الامامية، مع تفرقهم وانتشارهم في أقطار البلاد، والعلم بكونهم متفقين على مذهب واحد، لا حجة فيه، لما عرفت أن العبرة عندنا بقول المعصوم، ولا يعدم دخوله فيها.
وما يقال: من أنه يجب حينئذ على المعصوم أن يظهر القول بخلاف ما أجمعوا عليه، لو كان باطلا، فلو لم يظهر ظهر أنه حق، لا يتم، سيما أما إذا كانت في روايات أصحابنا رواية بخلاف ما أجمعوا عليه، إذ لافرق بين أن يكون إظهار الخلاف على تقدير وجوبه بعنوان أنه قول فقيه، وبين أن يكون الخلاف مدلولا عليه بالرواية الموجودة في روايات أصحابنا.
بل قيل إنه على هذا لا يبعد القول أيضا بأن قول الفقيه المعلوم النسب أيضا يكفي في ظهور الخلاف، وإن كان في زمان الحضور، أي ادعوا أنه يتحقق الاجماع في زمان حضور إمام من الأئمة عليهم السلام، فإن لم يعلم دخول قول الإمام بين أقوالهم فلا حجية فيه أيضا، وإن علم فقوله كاف، ولا حاجة إلى انضمام الأقوال الأخر إلا أن لا يعلم الامام بخصوصه، وإنما يعلم دخوله لأنه من علماء الأمة، وهذا فرض نادر يبعد تحققه في زمان من الأزمنة.
وأيضا دعوى الاجماع إنما نشأ في زمن السيد والشيخ ومن عاصرهما ثم تابعهما القوم، ومعلوم عدم تحقق الاجماع في زمانهم، فهم ناقلون عمن تقدمهم فعلى تقدير كون المراد بالاجماع هذا المعنى المعروف، لكان في قوة خبر مرسل، فكيف يرد به الأخبار الصحيحة المستفيضة، ومثل هذا يمكن أن يركن إليه عند الضرورة، وفقد دليل آخر أصلا.
وما قيل من أن مثل هذا التناقض والتنافي الذي يوجد في الاجماعات يكون في الروايات أيضا، قلنا: حجية الاخبار ووجوب العمل بها مما تواترت به الاخبار، و استقر عليه عمل الشيعة، بل جميع المسلمين في جميع الأعصار، بخلاف الاجماع الذي لا يعلم حجيته ولا تحققه، ولا مأخذه ولا مراد القوم منه، وبالجملة من تتبع موارد الاجماعات وخصوصياتها، اتضح عليه حقيقة الامر فيها.