وأما الاجماع المدعى ههنا بخصوصه، فله جهات مخصوصة من الضعف.
منها تحقق الخلاف في المسألة من الشيخ المفيد الذي هو أفضل وأقدم، والكليني والصدوق وأبي الصلاح والكراجكي فكيف يقبل دعوى الاجماع مع ذلك، و مع أنهم عللوا الاجماع هنا بعلة ضعيفة بخلاف ساير الاجماعات.
قال في المعتبر: والبحث في مقامين أحدهما في اشتراط الامام أو نائبه، والمصادمة مع الشافعي ومعتمدنا فعل النبي صلى الله عليه وآله فإنه كان يعين لصلاة الجمعة وكذا الخلفاء بعده كما يعين للقضاء، فكما لا يصح أن يصب الانسان نفسه قاضيا من دون إذن الإمام كذا إمامة الجمعة، وليس هذا قياسا بل استدلالا بالعمل المستمر في الاعصار، فمخالفته خرق للاجماع انتهى.
وقال الشهيد الثاني: مع تسليم اطراده في جميع الأزمنة نمنع دلالته على الشرطية، بل هو أعم منها، والعام لا يدل على الخاص، والظاهر أن تعيين الأئمة إنما هو لحسم مادة النزاع في هذه المرتبة، ورد الناس إليه بغير تردد، و اعتمادهم على تقليده بغير ريبة، واستحقاقه من بيت المال لسهم وافر من حيث قيامه بهذه الوظيفة الكبيرة من أركان الدين.
ويؤيد ذلك أنهم يعينون لامامة الصلوات اليومية أيضا، والاذان وغيرهما من الوظائف الدينية مع عدم اشتراطها باذن الامام باجماع المسلمين، ولم يزل الامر مستمرا في نصب الأئمة للصلوات الخمس والاذان ونحوهما أيضا من عهد النبي صلى الله عليه وآله إلى يومنا هذا من الخلفاء والسلاطين، وأئمة العدل والجور، كل ذلك لما ذكرنا من الوجه، لا للاشتراط، وهذا أمر واضح، لا يخفى على منصف انتهى.
ومنها أن ظاهر كلام أكثرهم أن هذا الشرط إنما هو عند حضور الامام، والتمكن منه كما أومأ إليه المحقق، حيث شبهه بالقضاء، فان التعيين في القضاء عندهم إنما هو عند حضور الامام، وأما مع غيبته فيجب على الفقهاء القيام به مع تمكنهم منه.