قال الشهيد الثاني روح الله روحه: إن الذي يدل عليه كلام الأصحاب أن موضع الاجماع المدعى إنما هو حال حضور الامام، وتمكنه، والشرط المذكور حينئذ إنما هو إمكانه لا مطلقا في وجوبها عينا لا تخييرا كما هو مدعاهم حال الغيبة لأنهم يطلقون القول باشتراطه في الوجوب ويدعون الاجماع عليه أولا، ثم يذكرون حال الغيبة وينقلون الخلاف فيه، ويختارون جوازها حينئذ أو استحبابها، معترفين بفقد الشرط.
هكذا عبروا به عن المسألة، وصرحوا به في الموضعين، فلو كان الاجماع المدعى لهم شاملا لموضع النزاع، لما ساغ لهم نقل الخلاف بعد ذلك، بل اختيار جواز فعلها بدونه أيضا فإنهم يصرحون بأنه شرط للوجوب، ثم يذكرون الحكم بعد الغيبة، ويجعلون الخلاف في الاستحباب فلا يعبرون عن حكمها حينئذ بالوجوب وهو دليل بين على أن الوجوب الذي يجعلونه مشروطا بالامام عليه السلام وما في معناه إنما هو حيث يمكن أو في الوجوب العيني حين حضوره، بناء منهم على أن ما عداه لا يسمونه واجبا، وإن أمكن إطلاقه عليه من حيث أنه واجب تخييري، وعلى هذا الوجه يسقط الاستدلال بالاجماع في موضع النزاع، لو تم في غيره.
ومنها أن كلامهم في الاذن مشوش، فبعض كلماتهم يدل على الاذن لخصوص الشخص، لخصوص الصلاة، أو لما يشملها، وبعضها على الاذن الشامل للاذن العام للفقيه، وبعضها على الأعم من ذلك حتى يشمل كل من يصلح للإمامة، فتسقط فائدة النزاع.
قال الشيخ في الخلاف بعد أن اشترط أولا في الجمعة الامام أو نائبه، ونقل فيه الاجماع ما هذا لفظه: فان قيل أليس قد رويتم فيما مضى من كتبكم أنه يجوز لأهل القرى والسواد من المؤمنين أما إذا اجتمعوا العدد الذي ينعقد بهم أن يصلوا جمعة؟
قلنا: ذلك مأذون فيه ومرغب فيه، فجرى ذلك مجرى أن ينصب الامام من يصلي بهم انتهى.
فظهر أن الاذن الذي ادعي الاجماع على اشتراطه يشمل الاذن العام لسائر