وقد تعلم القبلة بالمشاهدة أو بخبر عن مشاهدة يوجب العلم، أو بأن نصبها النبي صلى الله عليه وآله بمسجده كقبلة المدينة وقبا، وفي بعض أسفاره وغزواته بنى مساجد معروفة إلى الان مثل مسجد الفضيخ ومسجد الأعمى ومسجد الإجابة، ومسجد البغلة ومسجد الفتح، وسلع وغيرها من المواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وآله، وكالقبور المرفوعة بحضوره مثل قبر إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وفاطمة بنت أسد، وقبر حمزة سيد الشهداء بأحد وغيره، أو بأن نصبها أحد الأئمة عليهم السلام مثل قبلة الكوفة والبصرة وغيرهما، أو يحكم بأنهم صلوا إليها عليهم السلام فان بجميع ذلك تعلم القبلة.
فصل في ذكر الغريب إذا دخل بلدة وهو لا يعلم القبلة كيف يصلي؟ جاز له أن يصلي إلى قبلة تلك البلد، وإذا غلب على ظنه أنها غير صحيحة، وجب عليه أن يرجع إلى الامارات الدالة على القبلة عند صلاته، مع التمكن، وزوال العذر، وأن يأخذ بقول عدل، ويجب على الانسان تتبع الامارات كلما أراد أن يصلي اللهم إلا أن يكون قد علم أن القبلة في جهة بعينها ثم علم أنها لم تتغير جاز له أن يتوجه إليها من غير أن يجدد طلب الامارات.
فصل في ذكر من كان بمكة خارج المسجد الحرام كيف يصلى من كان بمكة خارج المسجد الحرام أو في بعض بيوتها وجب عليه التوجه إلى جهة الكعبة، مع العلم، سواء كان غريبا أو قطنا، ولا يجوز له أن يجتهد في بعض بيوتها، لأنه لا يتعذر عليه طريق العلم.
ومن كان وراء جبل من جبال مكة وهو في الحرم، وأمكنه معرفة القبلة من جهة العلم، لم يجز له أن يعمل على الاجتهاد، بل يجب عليه طلبها من جهة العلم، ومن نأى عن الحرم فقد قلنا له أن يطلب جهة الحرم مع الامكان، فإن كان له طريق يعلم من جهة الحرم وجب عليه ذلك، وإن لم يكن له طريق يعلم منه رجع إلى الامارات