التي ذكرناها، أو عمل على غلبة الظن، فان فقد هذه الامارات صلى إلى أربع جهات على ما ذكرناه، فإن لم يتسع الوقت أو لا يتمكن من ذلك يصلي إلى أي جهة شاء.
فصل في ذكر من فقد هذه الامارات وأراد أن يصلى الجماعة متى لزم جماعة الصلاة إلى أربع جهات لفقد الامارات، جاز لهم أن يصلوا جماعة إلى الجهات الأربع.
والبصير إذا صلى إلى بعض الجهات ثم تبين له أنه صلى إلى غير القبلة والوقت باق أعاد الصلاة، فإن كان صلى بصلاته بصير آخر وهو ممن لا يحسن الاستدلالات أو صلى بقوله ولم يصل معه، فان تقضى الوقت فلا إعادة على واحد منهما إلا أن يكون قد استدبر القبلة، فإنه يعيدها هو وكل من صلى بقوله على الصحيح من المذهب وقال قوم من أصحابنا إنه لا يعيد والأول أصح.
فإن كان في حال الصلاة ثم ظن بأن القبلة عن يمينه أو عن شماله بنى عليه، واستقبل القبلة وتممها، فإن كان مستدبر القبلة أعاد من أولها بلا خلاف، فإن كان صلى بصلاته أعمى انحرف بانحرافه.
وإذا كانوا جماعة، وقد فقدوا أمارات القبلة وأرادوا أن يصلوا جماعة جاز لهم أن يقتدوا بواحد منهم إذا تساوت ظنونهم في قياس القبلة فان غلب في ظن أحدهم جهة القبلة وتساوى ظن الباقين جاز أيضا أن يقتدوا به، لان فرضهم الصلاة إلى أربع جهات مع الامكان، وإلى جهة واحدة مع الضرورة.
وهذه الجماعة متى اختلفت ظنونهم فيها وأدى اجتهاد كل واحد منهم إلى أن القبلة في خلاف جهة الآخر لم يكن لواحد منهم الاقتداء بالآخر على حال، وتكون صلاتهم فرادى، فان صلوها جماعة ثم رأى الامام في صلاته أنه أخطأ القبلة رجع إلى القبلة على ما فصلناه، والمأمومون إن غلب ذلك على ظنهم تبعوه في ذلك، وإن لم يغلب على ظنهم بنوا على ما هم عليه وتمموا صلاتهم منفردين، وكذلك الحكم في بعض المأمومين سواء.