في السماء " إلى قوله: " لئلا يكون للناس عليكم حجة " (1) يعني اليهود في هذا الموضع.
ثم أخبرنا الله عز وجل العلة التي من أجلها لم يحول قبلته من أول البعثة؟
فقال تبارك وتعالى " وما جعلنا القبلة التي كنت عليها " إلى قوله " لرؤف رحيم " (2) فسمى سبحانه الصلاة ههنا إيمانا (3).
وقال عليه السلام في قوله تعالى: " فول وجهك شطر المسجد الحرام " (4) قال: معنى شطره نحوه، إن كان مرئيا، وبالدلائل والاعلام إن كان محجوبا، فلو علمت القبلة لوجب استقبالها والتولي والتوجه إليها، ولو لم يكن الدليل عليها موجودا حتى تستوي الجهات كلها فله حينئذ أن يصلي باجتهاده حيث أحب واختار، حتى يكون على يقين من الدلالات المنصوبة، والعلامات المبثوثة، فان مال عن هذا التوجه مع ما ذكرنا حتى يجعل الشرق غربا والغرب شرقا زال معنى اجتهاده، وفسد حال اعتقاده (5).
قال: وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله خبر منصوص مجمع عليه أن الأدلة المنصوبة على بيت الله الحرام لا تذهب بكليتها حادثة من الحوادث منا من الله تعالى على عباده في إقامة ما افترض عليهم (6).
بيان: قوله عليه السلام: " فان مال " لعل المعنى أن بعد تبين خطائه لا يعتمد على هذا الاجتهاد والاعتقاد، لأنه كان العمل به مختصا بحال الاضطرار، فيكون ذكر الصورة المفروضة على المثال، والمراد ظهور كونه مستدبرا، فالمراد بزوال معنى اجتهاده