ويقولون له: أنت تابع لنا تصلي إلى قبلتنا، فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك غما شديدا وخرج في جوف الليل ينظر في آفاق السماء وينتظر أمر الله تبارك وتعالى في ذلك.
فلما أصبح وحضرت صلاة الظهر، وكان في مسجد بني سالم قد صلى بهم الظهر ركعتين، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام فأخذ بعضديه فحوله إلى الكعبة، فأنزل الله عليه " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبله ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام " فصلى ركعتين إلى بيت المقدس وركعتين إلى الكعبة، فقالت اليهود والسفهاء ما وليهم عن قبلتهم التي كانوا عليها.
وتحولت القبلة إلى الكعبة بعد ما صلى النبي بمكة ثلاثة عشر سنة إلى بيت المقدس، وبعد مهاجرته إلى المدينة صلى إلى بيت المقدس سبعة أشهر، ثم حول الله عز وجل القبلة إلى البيت الحرام، ثم قال الله عز وجل " وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم " يعني ولا الذين ظلموا منهم، و " الا " في موضع " ولا " وليست هي استثناء (1).
ومنه: في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى " وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي انزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون " (2) فان رسول الله صلى الله عليه وآله لما قدم المدينة، وهو يصلي نحو بيت المقدس، أعجب ذلك اليهود، فلما صرفه الله عن بيت المقدس إلى بيت الله الحرام، وجدت اليهود من ذلك، وكان صرف القبلة صلاة الظهر، فقالوا صلى محمد الغداة واستقبل قبلتنا، فآمنوا بالذي انزل على محمد وجه النهار، واكفروا آخره يعنون القبلة، حين استقبل رسول الله المسجد الحرام لعلهم يرجعون إلى قبلتنا (3).
14 - مجالس ابن الشيخ: عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن الصلت، عن أحمد