فإذا أتى بذلك كانت هي الصلاة التي بها امر، وعنها اخبر، وإنها هي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، فالتفت المنصور إلي أبي عبد الله عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله لانزال من بحرك نغترف، وإليك نزدلف، تبصر من العمى، وتجلو بنورك الطخياء، فنحن نعوم في سبحات قدسك، وطامي بحرك (1).
بيان: " غير نازغ " قال الفيروزآبادي: نزغه كمنعه طعن فيه واغتابه، وبينهم أفسد وأغرى ووسوس " ولا زائغ " من قوله تعالى: " وأما الذين في قلوبهم زيغ " أي ميل " عرف ": أي عرف الله " فوقف " بين يديه، أو على المعرفة " وأخبت " أي خشع " فثبت " عليه " يذل عرضه " في بعض النسخ بالباء بصيغة الماضي وفي بعضها بالياء المثناة بصيغة المستقبل وفي القاموس العرض بالتحريك حطام الدنيا، وما كان من مال، والغنيمة والطمع، و اسم لما لا دوام له، ويحتمل أكثر تلك الوجوه بأن يكون الغرض الاعراض عن تلك الاغراض الدنيوية، وأن يكون بضم الأول وفتح الثاني جمع عرضة بمعنى المانع أي ما يمنعك من الحضور والاخلاص، وكونه جمع العارض بمعنى الخد بعيد لفظا، وأن يكون بكسر الأول وسكون الثاني بمعنى الجسد أو النفس، أو بالمعنى المعروف وبالتحريك بأحد معانيه أنسب.
" ويمثل غرضه " أي يجعل مقصوده من العبادة نصب عينه، وفي بعض النسخ تمثل بصيغة الماضي، وعرضه بالعين المهملة أي تمثل في نظره معروضه وما يريد أن يعرضه لديه من المقاصد، والأول أظهر.
" وتنكب إليه المحجة " التنكب إذا عدي بعن فهو بمعنى التجنب، وإذا عدي بالى فهو بمعنى الميل، في النهاية في حديث حجة الوداع: فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس أي يميلها إليهم انتهى، ويحتمل أن يكون إليه متعلقا بالمحجة أي تنكب في السبيل إليه عمن سواه.
" غير مرتغم بارتغام " المراغمة الهجران والتباعد، والمغاضبة أي لا يكون سجوده وإيصال أنفه إلى الرغام على وجه يوجب بعده من الملك العلام أو على وجه