يا كميل اقسم بالله لسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الشيطان إذا حمل قوما على الفواحش مثل الزنا وشرب الخمر والربا وما أشبه ذلك من الخناء والمآثم حبب إليهم العبادة الشديدة والخشوع والركوع والخضوع والسجود، ثم حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى النار ويوم القيمة لا ينصرون (1).
يا كميل ليس الشأن أن تصلي وتصوم وتتصدق، الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب تقي، وعمل عند الله مرضي، وخشوع سوي.
يا كميل انظر فيم تصلي؟ وعلى ما تصلي؟ إن لم تكن من وجهه وحله فلا قبول (2).
3 - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: إذا استقبلت القبلة فانس الدنيا و ما فيها، والخلق وما هم فيه، واستفرغ قلبك عن كل شاغل يشغلك عن الله، وعاين بسرك عظمة الله، واذكر وقوفك بين يديه يوم تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق، وقف على قدم الخوف والرجاء.
فإذا كبرت فاستصغر ما بين السماوات العلى والثرى دون كبريائه فان الله تعالى إذا اطلع على قلب العبد وهو يكبر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره، قال: يا كاذب أتخدعني، وعزتي وجلالي لأحرمنك حلاوة ذكري، ولأحجبنك عن قربي والمسارة بمناجاتي.
واعلم أنه غير محتاج إلى خدمتك وهو غني عن عبادتك ودعاتك، وإنما ذلك يفضله ليرحمك، ويبعدك من عقوبته، وينشر عليك من بركات حنانيته ويهديك إلى سبيل رضاه، ويفتح عليك باب مغفرته، فلو خلق الله عز وجل على ضعف ما خلق من العوالم أضعافا مضاعفة على سرمد الأبد، لكان عنده سواء كفروا بأجمعهم به أو وحدوه، فليس له من عبادة الخلق إلا إظهار الكرم والقدرة، فاجعل الحياء رداء، والعجز إزارا، وادخل تحت سر سلطان الله، تغتم فوائد ربوبيته،