في صلاتهم خاشعون " قال الطبرسي رحمه الله (1) أي خاضعون متواضعون متذللون لا يرفعون أبصارهم عن مواضع سجودهم، ولا يلتفون يمينا ولا شمالا، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته، فقال: أما إنه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه، وفي هذا دلالة على أن الخشوع في الصلاة يكون بالقلب وبالجوارح، فأما بالقلب فإنه يفرغ قلبه بجمع الهمة لها والاعراض عما سواها، فلا يكون فيه غير العبادة والمعبود، وأما بالجوارح فهو غض البصر والاقبال عليها وترك الالتفات والعبث قال ابن عباس خشع فلا يعرف من على يمينه ولا من على يساره، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرفع بصره إلى السماء في صلاته، فلما نزلت هذه الآية طأطأ رأسه و رمى ببصره إلى الأرض انتهى.
أقول: وقد عرفت أن غض البصر ليس من الخشوع المطلوب في الصلاة إلا ما ورد في رواية حماد في الركوع (2) وقد مر مع ما يعارضه خصوصا، وسيأتي بعض الأخبار فيه مع معارضاتها، وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يغمض الرجل عينيه في الصلاة، وفي رواية زرارة " اخشع ببصرك ولا ترفعه إلى السماء ".
وأما خشوع الجوارح فهو حفظها عما لا يناسب الصلاة أو ينافي التوجه إليها بالقلب، وقيل: هو فعل جميع المندوبات وترك جميع المكروهات المتعلقة بالجوارح المبينة في الفروع، وفسر بعض أهل اللغة وبعض المفسرين الخشوع في الأعضاء بالسكون (3) ويؤيده ما روي في هذا الباب، عن سيد العابدين أنه عليه السلام إذا قام في