قوله تعالى: " تجاه القبلة " أي من غير التفات إلى اليسار أو إلى اليمين أيضا كثيرا بأن يحتمل ما فعله صلى الله عليه وآله على الالتفات القليل، ويؤيده قوله عليه السلام " أن لا ألتفت يسارا " وما قيل من أنه رأى الملائكة والنبيين تجاه القبلة فسلم عليهم، لأنهم المقربون ليسوا من أصحاب اليمين، ولا من أصحاب الشمال، فلا يخفى ما فيه، لأن الظاهر أنهم كانوا مؤتمين به صلى الله عليه وآله.
قوله تعالى: " صار التسبيح في السجود " في الكافي " كان التكبير في السجود شكرا " فلعل المعنى أنه صلى الله عليه وآله لما كان هوته إلى السجود لمشاهدة عظمة تجلت له كبر قبل سجوده شكرا لتلك النعمة، كما قال تعالى " ولتكبروا الله على ما هديكم ولعلكم تشكرون " (1) أي على ما هدى، وما هنا أظهر كما لا يخفى.
قوله عليه السلام " عند الزوال " لعل المعنى أن هذه الصلاة التي فرضت وعلمها الله نبيه في السماء إنما فرضت أو وقعت أولا في الأرض عند الزوال فلا يلزم أن يكون إيقاعها في السماء عند الزوال، مع أنه يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وآله في ذلك الوقت محاذيا لموضع يكون في الأرض وقت الزوال لكنه بعيد، إذا لظاهر من الخبر أنها وقعت في موضع كان محاذيا لمكة، ولما كان الظاهر من الاخبار تعدد المعراج فيمكن حمل هذا الخبر على معراج وقع في اليوم، وبهذا الوجه يمكن التوفيق بين أكثر الاخبار المختلفة الواردة في كيفية المعراج.
ثم إنه يظهر من هذا الخبر أن الصلاة لما كانت معراج المؤمن فكما أن النبي صلى الله عليه وآله نفض عن ذيله الأطهر علائق الدنيا الدنية، وتوجه إلى عرش القرب والوصال، ومكالمة الكبير المتعال، وكلما خرق حجابا من الحجب الجسمانية كبر الرب تعالى وكشف بسببه حجابا من الحجب العقلانية، حتى وصل إلى عرض العظمة والجلال ودخل مجلس الانس والوصال، فبعد رفع الحجب المعنوية بينه وبين مولاه كلمه وناجاه، فاستحق لان يتجلى له نور من أنوار الجبروت، فركع وخضع لذلك النور، فاستحق أن يتجلى عليه نور أعلى منه، فرفع رأسه وشاهده وخر