عمله، وينزل منه رزقه، فإذا مات بكيا عليه، وذلك قول الله عز وجل: " فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين " (1).
وقال الكراجكي - ره - بعد إيراد الخبر: هذه الآية نزلت في قوم فرعون وإهلاكهم، وفيها وجوه من التأويل أحدها ما ورد في هذا الخبر، ومعنى البكاء ههنا الاخبار عن الاختلال بعده، كما يقال بكى منزل فلان بعده. قال مزاحم العقيلي:
بكت دارهم من بعدهم فتهللت * دموعي فأي الجازعين ألوم أمستعبرا يبكي من الهون والبلا * وآخر يبكي شجوه ويهيم فإذا لم يكن لهؤلاء القوم الذين أخبر الله تعالى ببوارهم مقام صالح في الأرض ولا عمل كريم يرفع إلى السماء جاز أن يقال: فما بكت عليهم السماء والأرض، و قد روي عن ابن عباس أنه قيل له: وقد سئل عن هذه الآية أتبكي السماء والأرض على أحد؟ فقال: نعم، مصلاه في الأرض ومصعد عمله في السماء.
والثاني أن يكون تعالى أراد المبالغة في وصف القوم بصغر القدر وسقوط المنزلة، لان العرب إذا أخبرت عن عظم المصاب بالهالك، قالت: كسفت لفقده الشمس، وأظلم القمر، وبكاه الليل والنهار والسماء والأرض قال جرير يرثي عمر بن عبد العزيز:
الشمس طالعة ليست بكاسفة * تبكي عليك نجوم الليل والقمر والثالث أن يكون الله تعالى أراد ببكائهما بكاء أهلهما كما في قوله تعالى:
" واسأل القرية " (2).
والرابع أن يكون المعنى لم يأخذ آخذ بثأرهم، ولا أحد انتصر لهم لان العرب كانت لا تبكي على قتيل إلا بعد الاخذ بثاره، فكني بهذا اللفظ عن فقد الانتصار والاخذ بالثار، على مذهب القوم الذين خوطبوا بالقرآن.