صوتي يا صاحب الصوت الحسن والوجه الجميل، قد سمعنا منك كلاما حسنا فأخبرنا من أنت يرحمك الله؟ وقد أقررت بالله ونبيه.
قال: فأطلع رأسه من كهف الجبل فإذا شيخ أبيض الرأس وللحية لها هامة كأنها رحى، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، قلت: وعليك السلام ورحمة الله من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا ذريب ثملا وصي العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام كان سأل ربه لي البقاء إلى نزوله من السماء وقراري في هذا الجبل، وأنا موصيكم: سددوا وقاربوا وإياكم وخصالا تظهر في أمة محمد صلى الله عليه وآله فان ظهرت فالهرب الهرب ليقوم أحدكم على نار جهنم حتى تطفأ عنه خير له من البقاء في ذلك الزمان، قال معاوية بن نضلة: قلت له: يرحمك الله أخبرنا بهذه الخصال لنعرف ذهاب دنيانا وإقبال آخرتنا، قال: نعم.
إذا استغنى رجالكم برجالكم واستغنت نساؤكم بنسائكم وانتسبتم إلى غير مناسبكم، وتواليتم إلى غير مواليكم، ولم يرحم كبيركم صغيركم، ولم يوقر صغيركم لكبيركم، وكثر طعامكم فلم تروه إلا بأغلا أسعاركم، وصارت خلافتكم في صبيانكم. وركن علماؤكم إلى ولاتكم: فأحلوا الحرام، وحرموا الحلال وأفتوهم بما يشتهون، اتخذوا القرآن ألحانا ومزامير في أصواتهم، ومنعتم حقوق الله من أموالكم، ولعن آخر أمتكم أولها، وزوقتم المساجد، وطولتم المنابر، وحليتم المصاحف بالذهب والفضة، وركب نساؤكم السروج، وصار مستشار أموركم نساؤكم، وخصيانكم، وأطاع الرجل امرأته وعق والديه وضرب الشاب والديه، وقطع كل ذي رحم رحمه، وبخلتم بما في أيديكم وصارت أموالكم عند شراركم، وكنزتم الذهب والفضة، وشربتم الخصر، ولعبتم بالميسر، وضربتم بالكبر، ومنعتم الزكاة، ورأيتموها مغرما والخيانة مغنما، وقتل البري لتغتاظ العامة بقتله، واختلست قلوبكم، فلم يقدر أحد منكم يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، وقحط المطر فصار قيضا، والولد غيظا، وأخذتم العطايا فصار في السقاط، وكثر أولاد الخبيثة يعنى الزنا، وطففت المكيال، وكلب