لا فقر بعده، وروي أن من أعطي القرآن فظن أن أحدا أعطي أكثر مما أعطي فقد عظم صغيرا، وصغر كبيرا. فلا ينبغي لحامل القرآن أن يرى أن أحدا من أهل الأرض أغنى منه، ولو ملك الدنيا برحبها، ولو كان كما يقوله قوم أنه الترجيع بالقراءة وحسن الصوت لكانت العقوبة قد عظمت في ترك ذلك أن يكون من لم يرجع صوته بالقراءة، فليس من النبي صلى الله عليه وآله حين قال: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن ".
وقال عليه السلام: " إني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود فأما الركوع فعظموا الله فيه، وأما السجود فأكثروا فيها الدعاء، فإنه قمن أن يستجاب لكم " قوله صلى الله عليه وآله: " قمن " كقولك: " جدير وحري أن يستجاب لكم ".
وقال عليه السلام: " استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع " (1) والطبع الدنس والعيب، وكل شين في دين أو دنيا، فهو طبع.
واختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وآله في مواريث وأشياء قد درست فقال النبي صلى الله عليه وآله: لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار فقال كل واحد من الرجلين:
يا رسول الله صلى الله عليه وآله حقي هذا لصاحبي فقال: لا، ولكن اذهبا فتوخيا ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه، فقوله: " لعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض " يعني أفطن لها وأجدل، واللحن الفطنة بفتح الحاء واللحن بجزم الحاء الخطاء وقوله: " استهما " أي اقرعا وهذا حجة لمن قال بالقرعة في الاحكام وقوله:
" اذهبا فتوخيا " يقول: توخيا الحق فكأنه قد أمر الخصمين بالصلح.
" ونهى عن تقصيص القبور " وهو التجصيص وذلك أن الجص يقال له:
القصة يقال: منه قصصت القبور والبيوت إذا جصصتها.
" ونهى عليه السلام عن قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال، ونهى عن