هي أحسن.
قيل: يا ابن رسول الله فما الجدال بالتي هي أحسن، والتي ليست بأحسن؟
قال: أما الجدال بغير التي هي أحسن أن تجادل مبطلا فيورد عليك باطلا فلا ترده بحجة قد نصبها الله تعالى ولكن تجحد قوله، أو تجحد حقا يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله فتجحد ذلك الحق مخافة أن يكون له عليك فيه حجة، لأنك لا تدري كيف المخلص منه، فذلك حرام على شيعتنا أن يصيروا فتنة على ضعفاء إخوانهم، وعلى المبطلين، أما المبطلون فيجعلون ضعف الضعيف منكم إذا تعاطى مجادلته وضعف ما في يده حجة له على باطله، وأما الضعفاء منكم فتعمى (1) قلوبهم لما يرون من ضعف المحق في يد المبطل.
وأما الجدال بالتي هي أحسن فهو ما أمر الله تعالى به نبيه أن يجادل به من جحد البعث بعد الموت وإحياءه له، فقال الله حاكيا عنه: " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم " (2) فقال الله في الرد عليهم: " قل " يا محمد " يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم * الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون " فأراد الله من نبيه أن يجادل المبطل الذي قال: كيف يجوز أن يبعث هذه العظام وهي رميم، فقال الله تعالى: " قل يحييها الذي أنشأها أول مرة " أفيعجز من ابتدى به لا من شئ أن يعيده بعد أن يبلى بل ابتداؤه أصعب عندكم من إعادته، ثم قال: " الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا " اي إذا كمن النار الحارة في الشجر الأخضر الرطب ويستخرجها فعرفكم أنه على إعادة ما بلى أقدر، ثم قال: " أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم " اي إذا كان خلق السماوات والأرض أعظم وأبعد في أوهامكم وقدركم أن تقدروا عليه من إعادة البالي، فكيف جوزتم من الله خلق هذا الأعجب عندكم، والاصعب لديكم، ولم تجوزوا منه ما هو أسهل عندكم من إعادة البالي؟ قال الصادق عليه السلام: فهذا الجدال بالتي هي